الثلاثاء, 12 أغسطس 2025 01:31 PM

قمة ألاسكا: بوتين يسبق ترامب بخطوة في لعبة التصعيد والتنازل

قمة ألاسكا: بوتين يسبق ترامب بخطوة في لعبة التصعيد والتنازل

كانت الاستراتيجية الروسية متوقعة: تصعيد يتبعه تصعيد آخر، حتى يثير غضب الرئيس دونالد ترامب. وعندها، يحين وقت التنازل، وهو تنازل ظاهري بالطبع. فليس ترامب من الرؤساء الذين يسهل إرضاؤهم أو تهدئتهم، فالأضواء لها تأثير ساحر عليه. وهذا ما تؤكده الاستعدادات لقمة ألاسكا المرتقبة بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث بدأت القمة تؤتي ثمارها حتى قبل انطلاقها. الرئيس الأميركي يبدو متفائلاً بشكل ملحوظ، مصرحاً بأن "الوضع في أوكرانيا قد يجد طريقه إلى الحل قريباً".

قد يعزو ترامب انعقاد القمة إلى فعالية تهديداته، وهذا ليس بعيداً عن الواقع، ولكنه في الوقت نفسه لا يمثل الحقيقة كاملة. تخشى روسيا من العقوبات الأميركية، ولا تزال واشنطن تمتلك الكثير في جعبتها مما لم تستخدمه بعد، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري. كما يظهر الاقتصاد الروسي مؤخراً علامات إجهاد. إلا أن الكرملين يدرك بالتوازي "ضعف" ترامب تجاه روسيا ورئيسها، أو على الأقل عدم مبالاته بأوكرانيا. وغضب ترامب الأخير لم يكن بسبب استمرار القصف، بقدر ما كان نابعاً من شعوره الشخصي بالإهانة من الروس.

بين ما يحلم به ترامب وبوتين، تمثل قمة ألاسكا محاولة لإعادة تمديد فترة السماح الأميركية. تحتاج روسيا إلى مواصلة القتال لفترة طويلة، لأنها لم تحقق جميع أهدافها في شرق أوكرانيا. وبالتالي، فإن الأسباب التي منعت بوتين من وقف الحرب طوال الأشهر الماضية لا تزال قائمة. يحلم ترامب بالسلام، بينما يحلم بوتين بالأرض. يريد ترامب إثبات براعته في عقد الصفقات، بينما يريد بوتين إثبات أنه سليل بطرس الأكبر وكاثرين العظيمة. بين الرئيسين طموحات متباعدة لا تكفي عشرات القمم لتقريبها، فما بالك بقمة واحدة تم الإعداد لها على عجل.

وبمزيد من التفاؤل من الجانب الروسي، قد تمثل القمة تكراراً دبلوماسياً غير مباشر لمقولة: "أنت لا تملك الأوراق!"، وهي الجملة الشهيرة التي وجهها ترامب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال القمة العاصفة في البيت الأبيض الشتاء الماضي.

الخوف في كلام زيلينسكي من أن كل "قرارات متخذة بدون أوكرانيا هي في الوقت نفسه قرارات ضد السلام" واضح وجلي. تحدث ترامب عن "بعض التبادل للأراضي" من أجل تحقيق السلام. رفض زيلينسكي التبادل معتبراً أنه "مدفوع" من الروس. سيقول بوتين إن زيلينسكي هو من يعرقل السلام الآن.

يتوجه بوتين إلى ألاسكا بعيداً عن كونه الرئيس المعزول غربياً، أو حتى المهدد بعقوبات وشيكة. وهذا وحده مكسب كبير بالنسبة إلى الرئيس الروسي. صورته وهو يجتمع مع الرئيس الأميركي، على أرض أميركية، تمنح تهديده السياسي والأمني لأوروبا مصداقية أكبر، إضافة إلى تحقيق هدفه باستعادة، ولو أولية، لدور روسيا كقطب عالمي. حصل بوتين على كل ذلك من دون أن يقدم حتى أي تنازل في المضمون. على العكس، يبدو أنه لا يزال يشترط حصول موسكو في السياسة على ما لم تحصل عليه في الميدان، وخلاصته سيطرة كاملة على منطقة دونباس (دونيتسك ولوغانسك) بالحد الأدنى، للقبول بهدنة أولية.

صحيح أنه لا يزال من المبكر الجزم بمخرجات القمة، ولكن في الشكل على الأقل، يبدو موقف بوتين قوياً. ربما راهن زيلينسكي والقادة الأوروبيون على نقطة لا عودة في علاقة ترامب مع بوتين، ولكن رهاناً كهذا كان محكوماً بالفشل. ففي تلك العلاقة، يدرك بوتين متى يتراجع عن الهاوية، وكيف. وفي حال أخفق، سيلقى مساعدة من ترامب نفسه.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: