ناقشت الخبيرة والباحثة الاقتصادية ريم حللي في ندوة أقيمت مساء أمس، وضع الصناعة السورية الحرج بعد سنوات الحرب التي حولت هذا القطاع الحيوي إلى أنقاض. وأشارت إلى التحديات التي تواجهها الصناعة بعد التحرير، بما في ذلك المنافسة الشرسة وصدمة الانفتاح ودخول منتجات بمواصفات متباينة، مما أدى إلى خفض العديد من المعامل لطاقاتها الإنتاجية إلى أقل من 50%.
شددت الباحثة على أهمية إطلاق استراتيجية تصدير لتمهيد الطريق لانطلاقة جديدة للصناعة السورية على المستويين المحلي والإقليمي. وأوضحت أن هذه الاستراتيجية يجب أن تحدد السلع المستهدفة للتصدير والتصنيع، بالإضافة إلى الأسواق المستهدفة، بهدف الاندماج في الاقتصاد العالمي.
لخصت حللي خطوات النهوض بالصناعة في خيارين: إما استغلال الفرصة وإعادة بناء الصناعة على أسس حديثة وتنافسية، أو الاستسلام للضغوط والظروف الصعبة. وأكدت أن المطلوب هو رؤية استراتيجية واضحة، وإرادة سياسية قوية، ودعم دولي وإقليمي، بالإضافة إلى استعادة الثقة بين الدولة والقطاع الخاص. ورأت أن هذه العوامل مجتمعة ضرورية لعودة الصناعة السورية إلى سابق عهدها، بل وتجاوزها نحو آفاق جديدة من التطور والازدهار.
فيما يتعلق باستراتيجية التصدير، فصلت حللي الخطوات والمشاريع التي يجب العمل عليها، مؤكدة على ضرورة إزالة المعوقات أمام انتقال المنتجات الصناعية الوطنية إلى الدول العربية، خاصة في المراكز الحدودية البرية، وتوفير التسهيلات الخاصة بالنقل البري والبحري والجوي لتشجيع التجارة البينية والصادرات، والتنسيق مع دول منطقة التجارة الحرة العربية لتوحيد النظم والإجراءات الجمركية والمواصفات والمقاييس، والعمل على إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية مع الدول الصديقة، مع وضع خطة للترويج للمنتجات الوطنية في الأسواق العربية والدولية وتنظيم المعارض تحت شعار "صنع في سورية".
كما أشارت إلى أهمية وضع برنامج لتطوير الشراكات بين شركات سورية (منتجة) وشركات دولية (مسوقة)، وحث المصارف الخاصة على الإسهام في تمويل الصادرات، والعمل على إنشاء المدينة الصناعية الصينية بين دمشق والنبك لصناعات بغاية التصدير، والاهتمام بتوجيه جهود البعثات الدبلوماسية في الخارج نحو ترويج الصادرات الوطنية، وتشجيع قيام شركات متخصصة في التصدير بالتعاون مع القطاع الخاص، أو بمبادرة من الحكومة ومشاركة القطاع الخاص، وتشجيع إنشاء شركات التسويق الخارجي.
وأضافت أنه خلال النصف الأول من العام الحالي تم ترخيص 945 مشروعاً صناعياً برأسمال 220 مليون دولار، كما تم تنفيذ 80 مشروعاً برأسمال 4.5 ملايين دولار، بالإضافة إلى مشاريع أخرى قيد التنفيذ.
وفيما يتعلق بالبيئة التشريعية، دعت الباحثة إلى تشكيل مجلس أعلى للصناعة، مهمته وضع السياسات الصناعية ومتابعة البرامج التنفيذية لكل جهة، وتطبيق قانون حماية الإنتاج الوطني من خلال وضع حصص للسلع المتدفقة إلى السوق السورية والتي تؤثر في الميزان التجاري، وتطبيق أحكام قانون حماية الملكية الصناعية والتجارية، ما يضمن الحيلولة دون وجود عملية قرصنة للعلامات التجارية وتأمين سرعة التقاضي في قضايا هذا الموضوع.
وأشارت حللي إلى أهمية توجيه الاستثمارات الأجنبية لإنشاء مدن صناعية تخصصية، وتخفيف القيود على حركة رؤوس الأموال الخاصة بتمويل العمليات الاستثمارية والتشغيلية للشركات الصناعية بالتنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزي.
هناء غانم