الأربعاء, 13 أغسطس 2025 07:51 PM

سوريا ساحة صراع النفوذ: كيف تتنافس إسرائيل وتركيا على بسط سيطرتهما؟

سوريا ساحة صراع النفوذ: كيف تتنافس إسرائيل وتركيا على بسط سيطرتهما؟

ذكر موقع "Middle East Eye" البريطاني أن المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط يوحي بتحسن موقع إسرائيل الاستراتيجي، وكذلك تركيا. والسؤال المطروح: هل يمثل هذا الوضع استقراراً أم ينذر بمشاكل مستقبلية؟

على الرغم من انخراط إسرائيل في صراعات متعددة (غزة، الضفة الغربية المحتلة، لبنان، سوريا، اليمن، وإيران)، إلا أنها تبدو منتصرة حالياً، بينما يعاني "محور المقاومة" بقيادة طهران من الفوضى، وفقاً للموقع.

ويشير الموقع إلى تضرر القيادة العسكرية الإيرانية وبنيتها التحتية بشدة خلال حرب حزيران، مما ألحق أضراراً بالغة بالبرنامج النووي الإيراني. وكان الرد الإيراني محدوداً بعد قصف الولايات المتحدة لمواقع فوردو ونطنز وأصفهان النووية في 22 حزيران. وفي سوريا، يحكم البلاد مقاتل سابق في تنظيم القاعدة، بينما تم طمس سمعته بسرعة من قبل الديمقراطيات الغربية، ودفنت عقود من التعبئة الأميركية والأوروبية ضد الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وهيئة تحرير الشام، مما يؤكد ازدواجية المعايير الغربية. وقد أدى ذلك إلى قطع الطريق اللوجستي الرئيسي لإيران لدعم حزب الله في لبنان، الذي ضعف بدوره بفقدان زعيمه حسن نصر الله وقيادات بارزة أخرى، ويواجه ضغوطاً داخلية ودولية للتخلي عن ترسانته العسكرية.

في المقابل، أدت العمليات الإسرائيلية في غزة إلى تراجع كبير في الدعم الدولي لها، لكن حكومة إسرائيل لا تكترث برأي العالم، طالما استمر الدعم الغربي، والتزمت دول مثل روسيا والصين الحياد.

أما بالنسبة لتركيا، فقد نجح الرئيس رجب طيب أردوغان في تحييد التهديد الأمني الرئيسي على طول حدود بلاده الجنوبية الشرقية، وهو حزب العمال الكردستاني. كما نجحت تركيا في تحقيق هدفها بإزاحة بشار الأسد من السلطة في سوريا، واستبداله بأحمد الشرع. وعززت أنقرة سمعتها كوسيط موثوق في الحرب الروسية الأوكرانية، لتصبح لاعباً إقليمياً بارزاً إلى جانب إسرائيل. وأي مسار نحو الاستقرار يجب أن يشمل إسرائيل وتركيا، القادرتين على مقاومة الضغوط الأميركية.

ويرى الموقع أن سوريا قد تكون اختباراً لهذه الديناميكية. ففي الشهر الماضي، شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع للنظام السوري وسط اشتباكات بين الدروز والبدو في جنوب سوريا، بحجة حماية الدروز، بينما يبدو أن سياستها الفعلية تركز على نزع سلاح المنطقة الواقعة جنوب دمشق لتوسيع "منطقتها العازلة". ويشير الموقع إلى الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا في أعقاب انهيار الأسد، والتي دمرت البنية التحتية العسكرية للدولة وسط صمت غربي. وقد أعربت المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا ودول إقليمية أخرى عن دعمها لوحدة سوريا، وحذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من تدخل تركيا إذا حاولت الجماعات الانفصالية تقسيم سوريا وزعزعة استقرارها. وتتردد تكهنات حول محاولة إسرائيل إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار مع سوريا عام 1974، والبحث عن ترتيب أمني جديد يمنحها وجوداً خارج مرتفعات الجولان لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وهو ما قد يثير مخاوف في دمشق وأنقرة.

في الوقت نفسه، تثير محاولة الحكومة السورية الأخيرة لإخضاع المناطق الدرزية مخاوف بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، الذين يخشون أن يصبحوا الهدف التالي. ولا يبدو أن تركيا مستعدة للدفاع عن الشرع، وليس من الواضح ما إذا كانت قادرة على التوصل إلى تسوية مع إسرائيل بشأن مناطق النفوذ المتفق عليها. وفي حال تقسيم افتراضي، قد يقع الجزء الجنوبي من سوريا تحت النفوذ الإسرائيلي، بينما يقع الباقي، باستثناء معقل قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات، تحت النفوذ التركي. وستعتمد قوات سوريا الديمقراطية على الدعم الأميركي كحصن منيع ضد الهجمات التركية.

ويختتم الموقع بالإشارة إلى أن الدبلوماسية الأميركية في المنطقة قد تواجه اختباراً آخر قريباً. فالسفير الأميركي لدى تركيا، توم براك، يتمتع بميزة الاتصال المباشر بالرئيس دونالد ترامب، وهو أيضاً المبعوث الخاص إلى سوريا، بتفويض لضمان استقرار الوضع السياسي في لبنان. وهذا تفويض واسع لشخصية واحدة في منطقة شديدة التقلب، وهو إشارة إلى أن واشنطن قد تسعى إلى نهج شامل. وتتعمق الشكوك في تركيا بشأن النوايا الحقيقية لواشنطن، إذ تعتقد أن أنقرة أن الولايات المتحدة ستعطي إسرائيل الأولوية دائماً. والسؤال المطروح: هل تستطيع واشنطن كبح جماح اثنين من حلفائها الإقليميين الرئيسيين لتجنب سيناريو تكون فيه سوريا المنقسمة بشدة، والمتجاذبة في اتجاهات مختلفة بفعل مناطق نفوذ متنافسة، الشرارة التي تشعل صراعاً كبيراً آخر؟

المصدر: خاص "لبنان 24"

مشاركة المقال: