الخميس, 14 أغسطس 2025 12:42 AM

وزيرة اقتصاد سابقة: الاقتصاد الحر وحده لا يكفي لمعالجة تحديات سوريا وتلبية احتياجات الفئات الأقل دخلاً

وزيرة اقتصاد سابقة: الاقتصاد الحر وحده لا يكفي لمعالجة تحديات سوريا وتلبية احتياجات الفئات الأقل دخلاً

ترى وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات جسيمة ويقف أمام مفترق طرق، مؤكدة أن الاعتماد على الاقتصاد الحر وحده ليس حلاً كافياً لأنه يتجاهل الفئات الأقل دخلاً ويُهمل العدالة الاجتماعية.

في حديثها لـ"الوطن"، أشارت عاصي إلى أن الحكومات المتعاقبة فشلت على مدى عقود في صياغة هوية اقتصادية واضحة، مما تسبب في تراكم التشوهات الهيكلية حتى قبل عام 2011. وأضافت أنه بالرغم من الحديث عن نمو الناتج المحلي، كانت المناطق الريفية والشمالية والشرقية تعاني تدهوراً متصاعداً في مؤشرات الفقر والبطالة والأمية، بسبب تحوُّل "اقتصاد السوق الاجتماعي" إلى انفتاح تجاري غير منظم ركَّز على الاستيراد المفرط من دون تطوير إنتاج محلي.

ووفقًا لتوصيفها، يواجه الاقتصاد السوري اليوم أزمات مركبة تشمل بنية تحتية شبه مدمرة، وهيمنة مؤسسات عامة خاسرة تستنزف الخزينة، وانهيار قيمة العملة، وهجرة الكوادر، مما يجعله "اقتصاداً مشوهاً هشّاً ومنهكاً".

على الرغم من تأييدها لمبدأ تحوُّل الدولة نحو اقتصاد السوق لمواجهة آثار الدمار، تُحذِّر عاصي من التطبيق العشوائي وتطالب بحزمة إصلاحات مصاحبة تشمل التحول التدريجي عبر تقليص هيمنة الدولة على القطاعات الإنتاجية مع تمكين القطاع الخاص في إطار تنظيمي عادل، مع احتفاظ الدولة بالقطاعات الاستراتيجية كالطاقة والاتصالات. كما تشدد على موازنة آليات السوق بالبُعد الاجتماعي عبر تعزيز شبكات الحماية ودعم الفئات الهشة وتقليص الفجوة بين المناطق، وإصلاح شامل لمؤسسات القطاع العام الخاسرة وإعادة هيكلتها لوقف نزيف الخزينة، وتطبيق الحوكمة الرقمية القائمة على الشفافية والمحاسبة لمكافحة الفساد، ورقمنة الخدمات المالية والضريبية، واستثمار عاجل في رأس المال البشري عبر تأهيل الكوادر (كالنهضة التعليمية التي قادت تجربة ماليزيا)، وصياغة خريطة إصلاح اقتصادي شاملة تشمل القوانين والهياكل المؤسسية.

وترى عاصي أن التعافي يبدأ برؤية استراتيجية طويلة المدى ترتكز على معالجة الاختلالات الهيكلية عبر إصلاح النظام الضريبي (توسيع القاعدة الضريبية، مكافحة التهرب)، وعلاج العجز المالي والتجاري، وتوحيد سعر الصرف، وضبط التضخم، وتعزيز الإنتاج المحلي والاستثمار في القطاعات الواعدة كإعادة الإعمار والزراعة والطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي والسياحة، واعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية.

وتطرح عاصي ثلاثة سيناريوهات محتملة للاقتصاد السوري: السيناريو الكارثي المتمثل في استمرار الانهيار والتحول إلى دولة فاشلة، والسيناريو الجزئي الذي يتضمن انفتاحاً تجارياً محدوداً مع إصلاحات غير جذرية ينتج عنها نمو غير متوازن وعرضة للانهيار، والسيناريو الأمثل الذي يرتكز على إصلاح شامل يعتمد على السلم الأهلي وسيادة القانون، مع تنمية الإنتاج المحلي والاستثمار البشري.

وتؤكد عاصي أن "الاقتصاد الحر" بالمفهوم الأكاديمي ليس حراً بالمعنى الحقيقي لأنه يُكرّس الظلم الاجتماعي، وأن النموذج المنشود يجب أن يكون اقتصاد سوق اجتماعيّاً مختلطاً يزاوج بين الكفاءة الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة، وإلا فستبقى سوريا في مفترق الطرق بلا مستقبل.

هناء غانم

مشاركة المقال: