الخميس, 14 أغسطس 2025 11:49 AM

ماذا تريد الهند من سوريا؟ نظرة على المصالح الاستراتيجية والتحركات الدبلوماسية

ماذا تريد الهند من سوريا؟ نظرة على المصالح الاستراتيجية والتحركات الدبلوماسية

في تحول ملحوظ في السياسة الخارجية، اتخذت الهند خطوات رسمية للتواصل مع الحكومة السورية الانتقالية الجديدة، متجاوزة التغيرات السياسية الداخلية. أرسلت نيودلهي وفداً دبلوماسياً رفيع المستوى إلى دمشق في أواخر يوليو، بهدف فهم أولويات الحكومة المؤقتة واستكشاف آفاق التعاون المستقبلي.

ترأس الوفد الهندي سوريش كومار، السكرتير المشترك في وزارة الخارجية، وعقد لقاءات مع كبار المسؤولين السوريين، بمن فيهم وزير الخارجية أسعد الشيباني. ركزت المحادثات على تعزيز العلاقات الثنائية في مجالات الصحة والتعليم والتعاون الفني، بالإضافة إلى بحث آليات تقديم الدعم الإنساني والمساهمة في جهود إعادة الإعمار.

تأتي هذه الزيارة في سياق سلسلة من اللقاءات الدولية مع الحكومة السورية الجديدة، بعد انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي. ترى الهند في سوريا موقعاً استراتيجياً مهماً في التوازنات الإقليمية، نظراً لموقعها بين تركيا وإسرائيل، مما يمنحها قيمة جيوسياسية واقتصادية كبيرة.

وفقاً لتقرير نشرته قناة "دويتشه فيله" الألمانية، يعكس اهتمام الهند المتزايد بسوريا رغبة في المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، وتطلع نيودلهي لاستخدام سوريا كممر اقتصادي مستقبلي يخدم مصالحها في غرب آسيا.

يرى مدثر كومار، أستاذ دراسات غرب آسيا في جامعة جواهر لال نهرو، أن تحركات الهند تجاه دمشق تعكس نهجاً غير متحيز، يهدف إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة من خلال التواصل مع حكومات متنوعة. واعتبر أن موقع سوريا الجغرافي الحيوي يجعلها شريكاً ضرورياً للهند، خاصة في ملفات الطاقة والتجارة والأمن.

أوضحت شانتي مارييت ديسوزا، المديرة التنفيذية لمنتدى مانترايا البحثي، أن استقرار سوريا ضروري لتأمين طرق التجارة وممرات الطاقة المرتبطة بالهند. وأشارت إلى أن تقديم الدعم في مجالات الإعمار والمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى التعاون الأمني، سيكون موضع ترحيب من الحكومة الجديدة في دمشق.

تعتبر نيودلهي أن الانخراط المبكر في سوريا ما بعد الأسد خطوة ضرورية لحماية مصالحها الاستراتيجية ومنع القوى المنافسة من استغلال الفراغ الناشئ. وتشير "دويتشه فيله" إلى أن الهند تسعى من خلال هذا التوجه إلى ترسيخ موطئ قدم لها في مرحلة إعادة تشكيل موازين القوى في سوريا والمنطقة.

بينما بدأت عدة دول إعادة تقييم علاقاتها مع دمشق بعد سقوط النظام السابق، كانت الهند من القلائل الذين أبقوا سفارتهم مفتوحة خلال سنوات الحرب، مما يعتبر مؤشراً على نهج استراتيجي طويل الأمد.

أشار أنيل تريجونايات، الدبلوماسي الهندي السابق، إلى أن العلاقات بين الهند وسوريا تمتد تاريخياً وثقافياً، وأن نيودلهي دعمت دائماً الحلول السلمية المبنية على الحوار. وأضاف أن التواصل مع دمشق الجديدة هو جزء من سياسة خارجية تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأنظمة.

في السياق ذاته، يرى تريجونايات أن الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، أبدى قدرة على التفاعل مع القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك الهند، مما يفتح المجال أمام شراكات مستقبلية في مجالات متعددة.

مشاركة المقال: