السبت, 16 أغسطس 2025 06:36 PM

من يدفع نحو تقسيم سوريا وما هي الجهات المستفيدة من ذلك؟

من يدفع نحو تقسيم سوريا وما هي الجهات المستفيدة من ذلك؟

بعد التحرير في الثامن من كانون الأول الماضي وإسقاط نظام بشار الأسد البائد، تصاعدت الطموحات الانفصالية في الشمال السوري، وانضمت إليها بعض الأصوات في جنوب البلاد. تزامن ذلك مع تكثيف إسرائيل لتدخلاتها في الشأن الداخلي السوري واعتداءاتها على الأراضي السورية، من خلال عمليات التوغل في محافظتي القنيطرة ودرعا، واستهداف مواقع الجيش والمنشآت الحيوية، بما في ذلك بعض المواقع في العاصمة دمشق.

في هذا السياق، يبرز السؤال: من الذي يدفع باتجاه تقسيم سوريا ومن المستفيد من هذا السيناريو؟ الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع أكدت مراراً على أن سوريا غير قابلة للتقسيم أو التجزئة، وتسعى جاهدة للحفاظ على وحدة سوريا. تجلى ذلك في توقيع اتفاق العاشر من آذار الذي ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات إثارة الفتنة بين مكونات المجتمع السوري.

إلا أن ما تسمى "الإدارة الذاتية"، التي أنشأتها أحزاب كردية في السنوات الأولى للثورة على نظام الأسد المخلوع، بدأت في المماطلة في تنفيذ الاتفاق، من خلال الإصرار على بقاء هياكل تلك الإدارة (بمعنى إقامة كانتون مستقل) وانضمام جناحها المسلح "قوات سوريا الديمقراطية- قسد" إلى الجيش العربي السوري ككتلة واحدة وليس كأفراد (أي تشكيل جيش داخل الجيش)، والمطالبة بنظام لا مركزي، وهو ما رفضته الإدارة السورية.

في حين أن تركيا، الجارة الشمالية لسوريا والداعمة للإدارة السورية الجديدة، أكدت مراراً دعمها لوحدة سوريا أرضاً وشعباً، فإن المسؤولين في ما تسمى "الإدارة الذاتية" لم يخفوا استعدادهم للتعامل والتعاون مع أي طرف يدعم مشروعهم الانفصالي، بما في ذلك إسرائيل، التي أعلنت أكثر من مرة دعمها للأكراد في شمال سوريا. وكشفت هيئة البث الإسرائيلية عن اتصالات يجريها مسؤولون إسرائيليون مع "قسد"، مع الإشارة إلى وجود دراسة لدعم الأكراد بطرق غير عسكرية.

أيضاً، مع بدء الأحداث في محافظة السويداء، تدخلت إسرائيل بحجة حماية الدروز في سوريا، وقصفت مواقع للجيش العربي السوري في السويداء ودرعا والقنيطرة، بالإضافة إلى منشآت حيوية في دمشق، بما في ذلك محيط القصر الرئاسي. وترافق ذلك مع تصريحات لمرجعيات دينية في السويداء تشكر إسرائيل على دعمها للدروز ورفع العلم الإسرائيلي في الساحات العامة، والإقدام على إجراءات تشكل بداية لمشروع انفصالي منها تشكيل مكتب تنفيذي للمحافظة وتعيين قائداً للأمن الداخلي من فلول نظام الأسد البائد وقد تم تغليفها بغطاء “إدارة خدمية”.

على الرغم من أن إسرائيل تخطط منذ عقود لتقسيم سوريا إلى كانتونات، إلا أن مساعيها لتحقيق ذلك تكثفت بعد سقوط النظام البائد وتسلم الإدارة السورية الجديدة مقاليد السلطة، مستغلة انشغال الحكومة السورية في ترتيب الأوضاع الداخلية.

دعم إسرائيل لمخططات التقسيم في سوريا ظهر جلياً في تصريحات مسؤوليها. فقد ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، ترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء في 8 كانون الثاني الماضي، تم خلاله التطرق إلى التطورات في سوريا، بما في ذلك بحث خطة لتقسيم سوريا إلى كانتونات ذات حكم ذاتي على أسس إثنية وطائفية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطة طرحتها السلطات الإسرائيلية منذ الإطاحة بنظام الأسد في كانون الأول الماضي.

كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مؤخراً أن إسرائيل تسعى للضغط على القوى العالمية لتشكيل نظام فيدرالي في سوريا، يتكون من مناطق عرقية مستقلة. وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل بصدد إنفاق أكثر من مليار دولار لدعم الدروز في سوريا، على أمل إقناعهم برفض الحكومة السورية الجديدة. ونقلت عن أمير أفيفي، وهو مسؤول عسكري إسرائيلي كبير سابق، قوله إن إسرائيل بحاجة إلى بناء تحالف مع الدروز لتحقيق عمق استراتيجي في سوريا.

مشاركة المقال: