الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 02:49 PM

كتاب "سوريا وفخ الحياد": نظرة من الداخل على عمل الأمم المتحدة وتقويض المساعدات

كتاب "سوريا وفخ الحياد": نظرة من الداخل على عمل الأمم المتحدة وتقويض المساعدات

في كتابه "سوريا وفخ الحياد"، الصادر عام 2021 عن دار "موزاييك للدراسات والنشر"، يقدم الباحث والدبلوماسي الأممي كارستن فيلاند سردًا تحليليًا لتجربة الأمم المتحدة في التعامل مع الملف السوري. الكتاب يكشف كواليس إيصال المساعدات في سوريا.

يشغل كارستن فيلاند، الذي كان جزءًا من العملية الدولية، مناصب متعددة في بعثات الأمم المتحدة، وهو كبير مستشاري الشرق الأوسط لـ"المجموعة البرلمانية لحزب الخضر الألماني".

يتناول الكتاب، الذي يمتد بين عامي 2011 و2020، من خلال التوثيق الميداني والتحليل السياسي، كواليس عمل الأمم المتحدة، والإشكاليات البيروقراطية، والتحديات التي واجهت فرق الإغاثة الدولية في مناطق النفوذ المختلفة داخل سوريا.

يتتبع فيلاند كيف تحول مبدأ الحياد، وهو من المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، من أداة لحماية المدنيين إلى غطاء لتقويض حقوقهم، وكيف استُخدمت المساعدات الإنسانية، كأداة ضغط سياسي بيد النظام السوري السابق، الذي ربط توزيعها بـ"الولاء السياسي"، ما حولها إلى وسيلة لمعاقبة المناطق المعارضة ومكافأة الخاضعة لسيطرته.

يشير الكاتب إلى أن المساعدات تمثلت في المواد الغذائية، والأدوية، والإمدادات الطبية، ومستلزمات المأوى، التي كانت تصل عبر قوافل الإغاثة الدولية، ولكن تحت سيطرة أجهزة الدولة السورية، التي عاقت وصولها إلى مناطق محاصرة مثل الغوطة وحمص وداريا وغيرها.

يوضح الكتاب كيف أخفقت الأمم المتحدة في أداء دور فعال يضمن عدالة توزيع المساعدات أو حمايتها من التسييس، نتيجة لتصميم دولي فاشل حاول التوفيق بين احترام "سيادة الدول" والاستجابة "الإنسانية"، دون الاعتراف بتضارب هذين الهدفين في حالة سوريا.

يستعرض الكاتب كواليس الاجتماعات الدولية، وتفاصيل المشاورات التي سبقت إطلاق قوافل الإغاثة، وكيف أدت البيروقراطية الأممية، إلى جانب الحذر المفرط من "الانحياز"، إلى تحويل الأمم المتحدة إلى فاعل عاجز عن فرض أي معايير حقيقية للعدالة أو الحياد.

يعتقد فيلاند أن الحياد بغياب المحاسبة قد يتحول إلى تواطؤ غير مقصود، وأن الالتزام الأعمى به قد يؤدي إلى نتائج أكثر خطورة من الانحياز المعلن. فحين تُختزل المعايير الأخلاقية في إجراءات إدارية، تفرغ من معناها، وتتحول إلى عبء بدل أن تكون أداة إنقاذ.

يقدم فيلاند صورة قاتمة عن حدود العمل الإنساني الأممي في بيئة يسودها القمع ويتحكم فيها النظام السابق بقواعد اللعبة، بينما تكتفي الأطراف الدولية بمراقبة الانهيار من خلف واجهة القانون الدولي.

مشاركة المقال: