الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 07:08 PM

أزمة مياه حادة في حي الصاخور بحلب: انقطاعات متكررة وحلول بديلة مكلفة تثقل كاهل السكان

أزمة مياه حادة في حي الصاخور بحلب: انقطاعات متكررة وحلول بديلة مكلفة تثقل كاهل السكان

عنب بلدي – محمد ديب

تعاني أحياء عديدة في مدينة حلب، خاصة في الجانب الشرقي منها، من أزمات متكررة في توفر المياه للمنازل. يشكو السكان من عدم وجود جدول توزيع منتظم للمياه وارتفاع تكاليف الحلول البديلة المؤقتة، في ظل غياب حلول واضحة من الجهات المعنية.

في حي الصاخور تحديدًا، الواقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، يواجه السكان انقطاعات طويلة قد تستمر لأيام متتالية، مما يضطرهم إلى الاعتماد على صهاريج المياه وشراء خزانات إضافية لتخزين كميات محدودة تصل عبر الشبكة العامة. هذه الإجراءات تزيد من النفقات اليومية، خاصة مع تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار الخدمات الأساسية.

يعتبر حي الصاخور من الأحياء الشعبية التي تضررت بشكل كبير خلال سنوات الحرب، مما ألحق أضرارًا بالبنية التحتية، بما في ذلك شبكة المياه التي لا تزال تعاني من أعطال متكررة.

خزانات إضافية.. حل مكلف

قال عبد الرزاق حلواني، أحد سكان الحي، لعنب بلدي، إن عائلته تعتمد بشكل أساسي على صهاريج المياه، بتكلفة تتجاوز 200 ألف ليرة سورية للصهريج الواحد، الذي يتسع لحوالي ألفي لتر، ويستخدم فقط لأغراض التنظيف والغسل، وليس صالحًا للشرب. وأضاف أن هذه التكاليف تمثل عبئًا شهريًا على الأسر ذات الدخل المحدود، مطالبًا بوضع برنامج منتظم لتوزيع المياه، ولو لساعات محدودة يوميًا.

مع استمرار الانقطاعات، لجأ بعض السكان إلى تركيب خزانات مياه إضافية أو توسيع خزاناتهم القديمة لتخزين أكبر كمية ممكنة خلال فترات الضخ النادرة، لكن هذا الخيار ليس متاحًا للجميع.

أوضح مأمون مامو، المقيم في حي الصاخور، لعنب بلدي، أن تكلفة الخزان الواحد تتراوح بين 150 و200 دولار أمريكي، ويحتاج إلى تجهيزات إضافية تشمل الأنابيب والمضخات الكهربائية، وهي بدورها مرتفعة الثمن.

انخفاض كفاءة

من جانبها، عزت المؤسسة العامة لمياه الشرب في حلب ضعف ضخ المياه في حي الصاخور إلى عدة عوامل فنية، منها انخفاض كفاءة الضخ من محطة الخفسة، التي تعتبر المصدر الرئيسي لمياه المدينة، ووجود أعطال قديمة في الشبكة، بالإضافة إلى تسرب المياه في خطوط التوزيع.

قال مدير المؤسسة، محمد جمال ديبان، في تصريح لعنب بلدي، إن بعض مقاسات أنابيب الشبكة (أقطارها) تحتاج إلى تغيير لتتناسب مع الضغط المطلوب والحاجة الفعلية للأحياء، مشيرًا إلى أن العمل على معالجة هذه المشكلات مدرج ضمن خطة الصيانة الحالية، التي من المتوقع أن يستمر تنفيذها لمدة شهر أو أكثر.

وأضاف أن من بين الحلول السريعة لتحسين وضع المياه في المدينة هو البدء بتنفيذ عقد لصيانة شبكات المياه بدعم من منظمات دولية، يشمل أغلبية أحياء حلب. وتوقع أن يسهم هذا المشروع في معالجة جزء كبير من المشكلات الفنية، مثل التسرب والأعطال المزمنة.

وبخصوص كميات المياه الواردة من محطتي الضخ في الخفسة الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات في ريف حلب الشرقي، أكد ديبان أنها ضمن الحد المقبول حاليًا وتغطي الجزء الأكبر من حاجة المدينة، مشيرًا إلى أن المحطتين ليستا المصدر الوحيد، إذ توجد آبار جوفية ومحطات صغيرة مساندة.

حالة مستدامة ووعود متكررة

تعاني أحياء عديدة في الجهة الشرقية من مدينة حلب، مثل مساكن هنانو والحيدرية والمرجة وباب الحديد وصلاح الدين، من أزمات متكررة في مياه الشرب منذ سنوات، خاصة خلال فصلي الصيف.

وترتبط هذه الأزمات بعدة عوامل، منها تلف الشبكة الرئيسة، وضعف عمليات الصيانة، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الذي يؤثر على عمل محطات الضخ.

ورغم الوعود المتكررة من المسؤولين بإجراء إصلاحات شاملة في البنية التحتية، لم يسجل أي تحسن ملموس في انتظام الخدمة، مما يدفع السكان إلى البحث عن حلول فردية تتجاوز قدرتهم المادية وتزيد من الأعباء المعيشية.

في ندوة نظمها فرع نقابة المهندسين بحلب، في 28 من أيار الماضي، بعنوان “واقع مياه الشرب في محافظة حلب”، استعرض مدير مؤسسة المياه أبرز التحديات التي تواجه قطاع المياه في المدينة.

وقال ديبان حينها، إن انخفاض كميات المياه القادمة من نهر الفرات، والأضرار التي خلفها زلزال شباط 2023 في بعض الخزانات، بالإضافة إلى تقادم البنية التحتية ونقص الكوادر الفنية، كلها عوامل أسهمت في تدهور الخدمة، مشيرًا إلى أن حصة المدينة من المياه انخفضت إلى أقل من النصف في السنوات الأخيرة.

تعد محافظة حلب من أكثر المحافظات السورية التي تأثرت شبكاتها المائية بالحرب منذ عام 2012، إذ شهدت الشبكات دمارًا واسعًا جراء القصف وفترات طويلة من الانقطاع التام، خاصة في الأحياء الشرقية. كما أدى الجفاف المتزايد خلال السنوات الأخيرة وانخفاض منسوب نهر الفرات إلى زيادة الضغط على الموارد المائية.

تعتمد المدينة اليوم بشكل أساسي على مياه محطة الخفسة، بالإضافة إلى عدد من الآبار الجوفية، إلا أن هذه المصادر لم تعد كافية لتغطية الطلب، بسبب النمو السكاني وعودة النازحين. وزاد من حدة الأزمة ضعف البنية التحتية وأعطال الشبكة وتكاليف الصيانة المرتفعة، مما جعل أزمة المياه في حلب مستمرة حتى اليوم.

مشاركة المقال: