منذ بداية «طوفان الأقصى»، واجهت الاتحادات الرياضية العالمية تحدياً كبيراً فيما يتعلق بفلسطين. حاولت الهيئات الحاكمة للألعاب جاهدةً إبعاد أنظارها عن غزة، وفي أفضل الأحوال، ساوَت بين الضحية والجلّاد في مواقفها التضامنية. هذه المواقف المخزية طالت غالبية الاتحادات، وبعض الأندية والرياضيين، مع وجود استثناءات بطولية لهيئات وجماهير وأفراد.
مع وصول حرب الإبادة إلى مستوى غير مسبوق، ارتفع صوت فلسطين في الأوساط الرياضية. فبعد لفتة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) في نهائي كأس السوبر الأوروبي، عندما رفعَ لافتة كُتب عليها: «أوقفوا قتل الأطفال، أوقفوا قتل المدنيين»، إضافة إلى موقف محمد صلاح النادر في انتقاده لمنشور «ويفا» تجاه استشهاد لاعب كرة القدم الفلسطيني السابق سليمان عبيد، قدمت بعض الاتحادات الكروية الوطنية مواقف مشرّفة تجاه فلسطين، رغم تأخرها.
قبل مباراتَي منتخب إيطاليا لكرة القدم الحاسمتَين في تصفيات كأس العالم 2026 ضد نظيره «الإسرائيلي»، وجهت رابطة المدربين الإيطاليين خطاباً رسمياً طالبت فيه بإيقاف «إسرائيل» عن المشاركة في المسابقات الدولية بسبب ما وصفته بالهمجية اللاإنسانية تجاه الفلسطينيين. وأشارت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) إلى أن رابطة المدربين الإيطاليين (Assoallenatori) وجّهت رسالة إلى رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، غابرييل غرافينا، تحث فيها الاتحادَين الأوروبي والدولي لكرة القدم على تعليق مشاركة «إسرائيل» في المسابقات الدولية مؤقتاً.
وقال رئيس الرابطة، رينزو أوليفييري: «يجب ألا تكون هذه مجرد لفتة رمزية، بل خياراً ضرورياً، يستجيب لواجب أخلاقي مشترك بين مجلس الإدارة بأكمله... على كرة القدم الإيطالية أن تتخذ موقفاً مؤيداً للشعب الفلسطيني». كما تحدّثَ نائب الرئيس، جيانكارلو كاموليزي، إلى وكالة الأنباء الإيطالية (ANSA) نيابةً عن رابطة المدربين قائلاً «قد يريد الناس منا الصمت واللعب، والتغاضي عن الأمر، لكننا لا نعتقد أن هذا صحيح».
في لفتةٍ مشابهةٍ للمنتخب الإيطالي، قامَ الاتحاد النرويجي لكرة القدم بتخصيص أرباح مواجهة المنتخب الوطني ضمن تصفيات كأس العالم 2026 أمام «إسرائيل» لدعم قطاع غزة، وسطَ صدمةٍ كبيرةٍ في الأوساط الإسرائيلية مقابل مباركة مناصري القضية. وقالت رئيسة الاتحاد النرويجي لكرة القدم، ليز كلافينيس، أن الهدف هو إنقاذ الأرواح في ظل العدوان المستمر، مضيفةً «لا نحن ولا أي منظمة أخرى يمكن أن نظل غير مبالين أمام المعاناة الإنسانية والهجمات غير المتناسبة التي يتعرض لها المدنيون في غزة منذ مدة طويلة. إسرائيل تشارك في مسابقات فيفا وويفا، وعلينا التعامل مع هذا الواقع».
لم يقتصر التضامن على عالم كرة القدم، بل انسحب إلى رياضات أخرى منها عالم الكرة الصفراء. فقد طالبَ مئات النشطاء المناهضين لـ«إسرائيل» بإلغاء مباراة كأس ديفيز مع الكيان المحتل المقرر إقامتها في هاليفاكس، كندا، الشهر المقبل. وفي رسالة مفتوحة نُشرت يوم الاثنين، دعا أكثر من 400 باحث ومدرب ورياضي وحائز على ميداليات أولمبية وصحافي رياضي ومسؤول رياضي كندي اتحاد التنس الكندي إلى إلغاء المباريات مع «إسرائيل» في سبتمبر (أيلول). لكن، ورغم المطالبات الحثيثة، أكّدَ كل من الاتحاد الدولي للتنس والاتحاد الكندي للتنس أنهما لن يمنعا «إسرائيل» من المشاركة في هذه المباريات.
هي معركة جديدة بين الحق والباطل. الصرخات الداعمة لفلسطين في الملاعب والمضامير تتصاعد بوتيرة مرتفعة بوجه الاتحادات والهيئات المتخاذلة، التي قد تشهد يوماً ما ألعاباً خالية من جماهير أبت أن تشهد الظلم وتسكت.
حسين فحص - الأخبار