السبت, 23 أغسطس 2025 02:49 AM

مؤسسة ضمان الودائع في سوريا: هل تعيد الثقة للمودعين وكيف تؤثر على السيولة؟

مؤسسة ضمان الودائع في سوريا: هل تعيد الثقة للمودعين وكيف تؤثر على السيولة؟

أثار منشور لحاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، تساؤلات مهمة حول مؤسسة ضمان الودائع المزمع إنشاؤها. شملت هذه التساؤلات ما إذا كانت المؤسسة ستغطي الودائع القديمة والجديدة على حد سواء، وما هو تأثيرها المحتمل على السيولة في السوق المصرفي، ومن سيتحمل الأعباء المالية المترتبة على أقساطها.

الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، أوضح لـ "الوطن" أن مؤسسات ضمان الودائع تمثل ممارسة مصرفية عالمية معترف بها، وتُعتبر من الأدوات الأساسية لتحقيق الاستقرار المالي. وأكد أن الهدف الرئيسي من إنشاء مؤسسة مماثلة في سوريا هو تعزيز ثقة المودعين في النظام المصرفي، وحماية صغار المودعين، وتقليل المخاطر النظامية التي قد تنشأ في حال تعثر أي من المصارف العاملة.

وأضاف قوشجي أن وظيفة هذه المؤسسات تتركز في توفير الحماية التأمينية للمودعين، حيث تقوم بتعويضهم (حتى سقف معين تحدده المؤسسة) في حال إعلان إفلاس المصرف. وأشار إلى أن هذه الآلية تساهم في تعزيز الثقة في النظام المصرفي ككل، وتقليل احتمالية حدوث عمليات سحب جماعية للودائع، وهو ما يدعم الاستقرار المالي بشكل عام.

وفيما يتعلق بمسألة الأطراف التي ستتحمل الأقساط التمويلية للمؤسسة، أوضح الدكتور قوشجي أن المصارف هي الجهة المسؤولة عن تحمل هذه الأقساط، وليس المودعين. وأضاف أن مؤسسات ضمان الودائع تعتمد في تمويلها على أقساط دورية تدفعها المصارف الأعضاء، وعادة ما يتم احتساب هذه الأقساط كنسبة مئوية من إجمالي الودائع أو بناءً على درجة المخاطر التي تتعرض لها المصارف.

أما فيما يخص الودائع المحجوزة قبل تاريخ 5/7، فقد أوضح قوشجي أن إعادة هذه الودائع لا تقع ضمن مهام المؤسسة، وأن تدخل المؤسسة يقتصر على حالات تعثر المصرف. وأشار إلى أن المؤسسة قد تساهم بشكل غير مباشر في تخفيف القيود المفروضة على السيولة، وذلك من خلال تعزيز الثقة العامة في النظام المصرفي وتقليل سلوكيات السحب الوقائي من قبل المودعين.

من جانبه، أكد نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، الدكتور عبدالرحمن محمد، أن مؤسسات ضمان الودائع تلعب دوراً حيوياً في تعزيز الثقة في النظام المصرفي وحماية أموال المودعين، حيث تضمن استرداد الودائع في حال تعرض المصرف للإفلاس. وأشار إلى أن هذه المؤسسات شائعة على نطاق واسع في مختلف دول العالم، بما في ذلك الدول العربية.

وأوضح الدكتور محمد أن المصارف تتحمل الأقساط المترتبة على الانضمام إلى مؤسسات ضمان الودائع، مما يعني أن المودعين لا يتحملون هذه التكاليف بشكل مباشر. وفيما يتعلق بالودائع المحجوزة قبل تاريخ 5/7، أشار إلى أن مؤسسات ضمان الودائع غالباً ما تكون مخصصة لحماية الودائع الجديدة، ولكن قد تشمل الحماية الودائع السابقة وفقاً للقوانين المحلية.

وحول تأثير إنشاء هذه المؤسسة على استرداد الودائع المحجوزة، أشار إلى أنها قد تحسن فرص المودعين في استرداد ودائعهم، خاصة إذا كانت هذه الودائع مضمونة بموجب النظام الجديد. كما يمكن أن يسهم إنشاء مؤسسة ضمان الودائع في تعزيز السيولة، حيث يشعر المودعون بالأمان بشأن ودائعهم، مما يزيد من استعدادهم للإيداع في المصارف.

ونوه محمد بالدور الحيوي الذي تلعبه الحكومة في تنظيم مؤسسات ضمان الودائع من خلال آليات تهدف إلى حماية المودعين وتعزيز الاستقرار المالي. وتشمل هذه الآليات التشريع والتنظيم، حيث تقوم الحكومة بوضع القوانين التي تحدد كيفية عمل هذه المؤسسات، بما في ذلك تحديد سقف الضمان الذي يحدد المبلغ الأقصى لتعويض المودعين في حالة إفلاس المصرف.

وأضاف أن مشاركة المصارف في نظام ضمان الودائع تعتبر إلزامية، مما يضمن أن جميع المصارف تساهم في الصندوق. ويجب أن تتولى الحكومة الإشراف على مؤسسات ضمان الودائع لضمان التزامها بالقوانين والمعايير المالية. ولفت إلى أنه في بعض الحالات، تقدم الحكومة دعماً مالياً لمؤسسات ضمان الودائع، مثل منح أو قروض لتعزيز قدرتها على تعويض المودعين.

وأكد أن نجاح هذه المؤسسات يعتمد على توفير بيئة قانونية ملائمة تشجع على الادخار والاستثمار في النظام المصرفي. وختم محمد بالقول إن إنشاء مؤسسة ضمان الودائع في سوريا يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة في النظام المصرفي، مع ضرورة وجود تنظيم حكومي فعال لضمان نجاحها واستقرارها. محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: