يروي سليمان خليل قصة صديق له، من المخضرمين في مهنة الطباعة والتغليف، عن حرصه السنوي على السفر إلى ألمانيا لحضور أحد معارض "الطباعة العالمي". كان الصديق يرى في المعرض فرصة للاطلاع على أحدث التطورات والمستجدات العالمية في هذه المهنة التي ورثها عن والده، والتي لا تزال عائلته مستمرة بها حتى اليوم. كان يقطع آلاف الأميال، ويدفع تكاليف الطيران والحجوزات والسفر، ليختبر أجواء استثنائية وهادفة في دورة المعرض. والأجمل، بحسب الصديق، هو أن كل دورة كانت مختلفة وجديدة وحديثة، وكأنها ليست تقليدًا لنسخة سابقة. ومثله الكثيرون ممن يرون في المعارض، سواء العامة أو المتخصصة، نافذة عمل وآفاقًا جديدة في مهنهم وحياتهم.
إن التطورات الكبيرة والمتسارعة التي يشهدها العالم في تنظيم المعارض ومحتواها وطريقة إخراجها وتقديمها للجمهور، قد جعلت منها لغة عالمية، بل صناعة متكاملة تركز على التطوير والتجدد، وتتجسد في المنتج النهائي الذي نراه مبهرًا وشاملًا في نوعيته وحداثته واللمسة الإبداعية التي يتمتع بها.
مع أن الحالة العامة التقليدية لدينا هي استعراض تاريخ المؤسسة وإنجازاتها – على أهمية ذلك – إلا أن الأهم هو أن ترفدنا بما هو جديدها المستقبلي القادم، وأن تستعرض رؤاها وتطلعاتها، وتكشف عن المستجدات الحديثة التي حققتها وتقدمها للجمهور بطريقة محتوى عصري جاذب ومميز، وأن تخبئ في جعبتها ما يجعل زيارتك للمعرض مفيدة ونوعية، ويبنى عليها ديمومة التواصل وسياق العمل القادم معها.
المعارض هي فرصة عظيمة لا تفوت للاطلاع على أحدث الابتكارات والمستجدات، وبوابة رئيسية لاكتشاف المؤسسات والشركات والمشاركين، وفرصة للتعارف واللقاءات وتبادل الأفكار، وجذب المستثمرين والداعمين، واحتضانهم بالمحتوى الذي تقدمه، وفرصة للتسويق والترويج وتقديم أنفسنا للعالم.
صناعة المعارض والترويج والتسويق هي علم متكامل، ومن المهم أن نفرد له اختصاصًا أكاديميًا دراسيًا لتخريج صناع وإداريين وفنيين ومختصين في عالم المعارض. فهي ذاكرة نستحضرها بين الحين والآخر، فنسمع حديثًا من هنا وهناك عن زيارة أحد الأصدقاء لمعرض ما، وكيف خلدت في الذاكرة بمحتواها السياحي والثقافي والعلمي والفني والاقتصادي.
المعارض اليوم ومستقبلًا تحتاج لكل الدعم الذي يؤهل العاملين فيها للانطلاق الأرحب وتذليل العقبات والصعوبات وتوسيع دائرة الإبداع في هذا القطاع المهم في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية، عسى الله أن يكلل مساعي وجهود جميع العاملين والمشاركين والقائمين عليها بالنجاح والتوفيق في كل معرض يقام على أرض بلادنا داخليًا أو في مشاركات خارجية. (موقع اخبار سوريا الوطن-1)