الثلاثاء, 26 أغسطس 2025 03:20 PM

الفستق الحلبي في حماة: كنز وراثي يواجه تحديات ويعود ليتربع على عرش الإنتاج السوري

الفستق الحلبي في حماة: كنز وراثي يواجه تحديات ويعود ليتربع على عرش الإنتاج السوري

حماة-سانا: تعتبر محافظة حماة القلب النابض لزراعة الفستق الحلبي في سوريا، حيث تحتضن أكثر من 800 ألف شجرة تمتد على مساحة تتجاوز 21 ألف هكتار. وتسهم حماة وحدها بنحو 50% من إجمالي الإنتاج المحلي، مما يضع سوريا في مكانة مرموقة على خارطة زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.

تنوع وراثي وأصناف فريدة:

أكد المهندس عادل هواش، مدير مكتب الفستق الحلبي، أن تميز فستق حماة لا يقتصر على حجم الإنتاج الوفير، بل يمتد ليشمل تنوعه الوراثي النادر. تضم المحافظة أكثر من 30 صنفاً محلياً فريداً، من أبرزها "العاشوري"، الذي يتميز بحجمه المتوسط وبذوره البنفسجية، و"ناب الجمل"، المعروف بحجمه الكبير وشكله المستطيل وقشرته الفاتحة. بالإضافة إلى أصناف أخرى مثل "الباتوري" و"العجمي"، التي تضفي على المحصول قيمة اقتصادية عالية وتسهم في تحقيق الأمن الزراعي المستدام.

محصول تصديري ومصدر رزق:

يُعد الفستق الحلبي من أهم المحاصيل التصديرية السورية، حيث تصل أسعاره إلى مستويات جيدة: قلب الفستق بين 17 و28 دولاراً للكيلوغرام، الفستق السحب بين 8 و10 دولارات، والفستق الأخضر نحو 3.6 دولارات. ويمثل هذا المحصول مصدراً رئيسياً لرزق آلاف الأسر الريفية، خاصة في ريف حماة الشمالي.

تحديات وآمال:

على الرغم من أهميته، تضررت بساتين الفستق خلال سنوات الحرب، حيث أُبيدت آلاف الأشجار المعمرة نتيجة القطع والحرق، مما أثر سلباً على الإنتاجية. وأشار المزارع عمر نعسان إلى أن الجهود الحالية تتركز على إعادة تأهيل الأراضي وزراعة غراس جديدة، إلا أن العقبات لا تزال قائمة، مثل نقص مياه الري والكهرباء والتمويل، بالإضافة إلى هجرة العديد من الفلاحين.

من جانبه، شدد المزارع مصعب محمد على أهمية تعزيز الدعم الحكومي من خلال برامج تمويل وتأهيل فني وتسويق منظم، لضمان الحفاظ على الأصناف الوراثية وزيادة العائدات الزراعية، خاصة في ظل التغيرات المناخية.

يشكل الفستق الحلبي أحد أقدم وأهم المحاصيل الزراعية في سوريا، وقد ارتبط اسمه تاريخياً بمدينة حلب، إلا أن زراعته انتشرت في محافظات عدة، أبرزها حماة، التي أصبحت تحتضن أكبر نسبة من الإنتاج الوطني. وتكتسب زراعة الفستق أهمية اقتصادية واستراتيجية لكونه محصولاً طويل العمر، عالي القيمة، ومرغوباً في الأسواق الخارجية، خاصة في دول الخليج وأوروبا.

وعلى الرغم من أن سوريا كانت من أبرز الدول المصدرة للفستق في منطقة الشرق الأوسط قبل عام 2011، إلا أنها تأثرت بعد ذلك نتيجة تدمير البنى التحتية للقطاع الزراعي. واليوم، تتجه أنظار المزارعين وتتركز مطالبهم من الجهات المعنية نحو استعادة الدور الريادي لهذا المحصول، من خلال الحفاظ على التنوع الوراثي المحلي، وتحسين أساليب الزراعة والتسويق.

مشاركة المقال: