في موقف يعكس وعياً وطنياً عميقاً، أحرق أهالي بلدة بريقة في ريف القنيطرة الجنوبي، مساء أمس، مساعدات إسرائيلية كانت قد أُرسلت إليهم. هذه الخطوة تمثل رسالة واضحة برفضهم القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع أو التغلغل الإسرائيلي في المنطقة.
تجمع الأهالي في ساحة البلدة وأضرموا النيران في السلال التي تحمل شعار "مساعدات إنسانية"، مؤكدين أنه لا يمكن تمرير أي مشاريع مشبوهة تحت غطاء إنساني. هذا الرفض لم يقتصر على بريقة، بل شمل أيضاً قرى الرفيد والعشة وكودنة في ريف القنيطرة، حيث واجهت محاولات الاحتلال برفض شعبي مماثل، ووصف الأهالي تلك المساعدات بـ "الهدايا المسمومة".
الإعلامي محمد عمر، من أبناء ريف القنيطرة الجنوبي، صرح لـ"الوطن" بأن ما حدث في بريقة ليس مجرد مبادرة إنسانية معزولة، بل جزء من مشروع إستراتيجي إسرائيلي أوسع يهدف إلى إعادة تموضع إسرائيل في البيئة السورية، خاصة الجنوبية منها، عبر أدوات ظاهرها الإغاثة وباطنها الاختراق والتطبيع القسري. وأضاف: "من يقتل أبناءنا ويحرق أرضنا لا يمكن أن يدعي الشفقة علينا، وكل طرد غذائي نحرقه هو صرخة بوجه التطبيع ومحاولات شراء الولاءات".
وأشار عمر إلى أن إسرائيل تحاول استغلال الضائقة الاقتصادية التي خلفتها سنوات الحرب لكسب ود الأهالي في الريف الجنوبي للقنيطرة، لكنها تصطدم دائماً بالوعي الشعبي الرافض للمقايضة. وأكد أن إحراق سلة غذائية من قبل فلاح أو راعٍ هو تعبير عن رفض مشروع سياسي إسرائيلي، وإعادة لترسيم الحدود بين الإنسان والوطن والكرامة.
وفي أعقاب هذا الرفض الشعبي، لجأت إسرائيل إلى ممارسات انتقامية، حيث استهدفت المرافق الحيوية في المنطقة. ففي قرى كودنة والعشة، أُحرقت مساحات واسعة من المزروعات، ودُمرت آبار مياه، وقُتلت مواشٍ، وأُطلق النار على ألواح الطاقة الشمسية، في محاولة لإخضاع الأهالي وكسر إرادتهم.
وشدد عمر على أن هذه الأحداث تضع الدولة السورية أمام مسؤولية مضاعفة: تعزيز الحضور الرسمي في الجنوب عبر دعم السكان وتلبية احتياجاتهم، ومواصلة المسار السياسي والدبلوماسي لإعادة انفتاح سوريا على العالم وتوسيع دائرة الشراكات البناءة.