السويد-سانا: بدأت قصص نجاح سورية مشرقة في أرض السويد، حيث استطاعت عائلات سورية تحويل الشوق إلى الوطن إلى واقع مزدهر في عالم الزراعة. فمنذ وصول عائلة الزعبي إلى السويد عام 2015، انطلقت في مشروع زراعي طموح في منطقة أولوفستورب بالقرب من غوتنبرغ. يدير المزرعة أحمد الزعبي وزوجته هيفاء، بمشاركة أبنائهم عبد المجيد، وعبد الحكيم، ويوسف، وبمساعدة الابن الأصغر عبد الله (15 عاماً) وصفاء (11 عاماً).
بعد سنوات قضاها أحمد في الإشراف على مزرعة كبيرة في سوريا تضم نحو 30 ألف دجاجة وأكثر من 100 هكتار من الأراضي، لم يتخلَ عن حبه للأرض. فمن خلال مشروع الزراعة بين المدن الذي أطلقته الحكومة السويدية، تمكنت العائلة من الحصول على قطعة أرض مهجورة، وتحويلها إلى مزرعة منتجة.
يقول عبد الحكيم: "نعتمد الزراعة النظيفة دون استخدام المبيدات أو الأسمدة الكيماوية، وهي طريقتنا المتوارثة منذ أجيال." وقد حصلت المزرعة عام 2022 على شهادة KRAV، التي تؤكد التزامها بالزراعة المستدامة. تنتج العائلة اليوم أكثر من 40 نوعاً من الخضار والفواكه والتوت، وتسوق منتجاتها عبر المتاجر وأكشاك المزارع المحلية. فالزراعة بالنسبة لهم ليست مجرد عمل، بل وسيلة للحفاظ على التقاليد وتوطيد الروابط العائلية.
تطوير مستمر
لم تخلُ البداية من التحديات، مثل الأعشاب الضخمة وصعوبة التربة، وتأقلم المحاصيل السورية مع المناخ البارد في السويد. ولكن بالإصرار والتعلم، وسعت العائلة إنتاجها عاماً بعد عام. وتخطط الأسرة حالياً لزراعة البطيخ السوري داخل البيوت البلاستيكية، وتفكر في توظيف عمال من خارج العائلة قريباً. ويعبر عبد الحكيم عن سعادته قائلاً: "نحن سعداء أن الناس يشترون كل ما ننتجه".
من إدلب إلى ينشوبينغ
من جهة أخرى، بدأت أسرة حمدان، القادمة من إدلب، تجربتها الزراعية في منطقة ينشوبينغ بالسويد، بخبرة متواضعة لم تتجاوز خمس سنوات. بدأت العائلة بزراعة البطاطا، معتمدة على خبرتها السابقة في الري والتسميد ومكافحة الآفات الطبيعية، ثم جربت البروكلي، الكرفس، والخس. ورغم الصعوبات التي واجهتها بسبب المناخ والتربة، نجحت العائلة في التكيف، وحققت نجاحاً ملحوظاً في زراعة الكوسا هذا العام.
يقول رب الأسرة: "الزراعة في السويد جيدة من حيث وفرة المحصول والدخل. وقد استأجرت أرضاً من الحكومة، وأتمنى أن أحصل في المستقبل على أرض خاصة بي، لدي خبرة وأفكار كثيرة، وأرغب في أن أنقلها إلى السويد".
أرض جديدة وخبرة قديمة
قصتا الزعبي وحمدان تجسدان قدرة المعرفة السورية في الزراعة على التأقلم والإبداع في بيئات مختلفة. وتقدمان صورة إنسانية عن الإصرار والأمل والعمل الدؤوب، وتجسدان معنى الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في السويد، حيث حول العاملون في الزراعة الأراضي المهجورة إلى حصاد وفير، واستعادوا عبر العمل ذكريات أرضهم التي غادروها مجبرين.