الخميس, 28 أغسطس 2025 04:50 PM

أزمة السيولة تعيق سحب الرواتب وتجمّد أرصدة المودعين في المصارف السورية

أزمة السيولة تعيق سحب الرواتب وتجمّد أرصدة المودعين في المصارف السورية

تواجه "سهام"، الموظفة في منظمة أممية والبالغة من العمر 32 عاماً، صعوبات جمة في سحب راتبها من المصرف منذ بداية العام الجاري. إذ لا يُسمح لها إلا بسحب 500 ألف ليرة سورية أسبوعياً، ويتطلب ذلك تعطيل يوم عمل كامل، حيث تحضر في الصباح الباكر وتحجز دوراً قد يستغرق أربع أو خمس ساعات. وفي كثير من الأحيان، ينتهي الانتظار الطويل بالاعتذار لعدم توفر السيولة الكافية.

سناك سوري-خاص

هذه المشكلة ليست حكراً على "سهام"، بل يعاني منها العديد من السوريين الذين يمتلكون حسابات في المصارف، أو لديهم أرصدة مجمدة في البنوك. وتؤكد "سهام" لـ"سناك سوري" أنها لم تتمكن من سحب راتبها كاملاً دفعة واحدة منذ بداية العام، وتلجأ إلى حيل مختلفة، مثل تحويل مبالغ صغيرة بقيمة 200 ألف ليرة سورية إلى أصدقائها الذين يمتلكون حسابات في المصرف العقاري، حيث يحق لهم سحب هذا المبلغ أسبوعياً. إلا أن هذا الحل يسبب إزعاجاً لأصدقائها ويضعها في موقف محرج.

وقد استغل البعض هذه الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية، حيث عرض أحد الأشخاص على "سهام" شراء حسابها مقابل 30% من قيمته. بمعنى آخر، يقوم بتحويل المبلغ الموجود في حسابها، وليكن 10 ملايين ليرة سورية، إلى حسابه، ويمنحها مقابل ذلك 7 ملايين ليرة فقط، ويحتفظ هو بربح قدره 3 ملايين ليرة سورية.

الحل بالفواتير!

أمام كوة السيرياتيل في مدينة اللاذقية، يقف عدد من الشبان حاملين حقائب على ظهورهم، ويتوجهون إلى الأشخاص الذين يرغبون في دفع الفواتير، ويعرضون عليهم دفعها مقابل الحصول على قيمتها نقداً. وحين تصل رسالة تأكيد الدفع على هاتف الشخص، يقوم بمنحهم المبلغ المطلوب دون زيادة أو نقصان.

يقول "أحمد"، وهو أحد هؤلاء الشباب، لمراسلة "سناك سوري"، إنه يضطر للوقوف منذ الصباح وحتى المساء، وغالباً ما يوكل المهمة لأحد أشقائه بسبب التزامه بالدوام في منظمة أممية في المدينة.

أرصدة شبه مجمدة

ذكر طبيب مقيم في دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"سناك سوري"، أنه يمتلك رصيداً في البنك بالملايين، لكنه لا يستطيع سحب سوى ما بين 200 إلى 500 ألف ليرة سورية أسبوعياً كحد أقصى. وفي الوقت نفسه، لا يملك الوقت الكافي للانتظار من أجل الحصول على هذا المبلغ، الذي لا يكفي لتلبية احتياجات أسرته ليومين أو ثلاثة أيام.

وأشار الطبيب إلى أنه أوكل شخصاً بمهمة شراء الدولار بسعر أعلى من سعر الصرف الرسمي، على أن يتم تحويل المبلغ بنكياً. فعلى سبيل المثال، إذا كان سعر صرف الدولار في السوق 11 ألف ليرة سورية، فإنه يدفع ما بين 15 إلى 17 ألف ليرة سورية للدولار الواحد، حيث يحول مبلغ 17 مليون ليرة سورية إلى حساب شخص ما ويحصل بالمقابل على 1000 دولار أمريكي بدلاً من 1550 دولار، أي يخسر 550 دولار في كل عملية تحويل.

وفي وقت سابق من آب الجاري، دعا مصرف سوريا المركزي المتعاملين مع المصارف إلى تقديم شكاوى في حال عدم تمكنهم من السحب النقدي سواء من الحسابات الجارية أو الودائع، لكن هذا القرار لا يشمل سوى الودائع بعد تاريخ 7 أيار 2025، بينما الغالبية من الأطباء والمهندسين وغيرهم يمتلكون أرصدة من قبل هذا التاريخ.

الأزمة التي تعاني منها المصارف السورية لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على المواطنين، مما يفرض تحديات يومية تزيد من صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية. وبينما يبحث المودعون عن حلول بديلة، تبقى الأزمة قائمة دون بوادر لحل جذري، مما يدفع البعض إلى خيارات غير مأمونة العواقب، في محاولة يائسة للحفاظ على قيمة مدخراتهم وسط اقتصاد غير مستقر.

مشاركة المقال: