في ريف حمص الغربي، تقف قلعة الحصن بشموخ على ارتفاع 750 متراً فوق سطح البحر، كأحد أبرز المعالم التاريخية في منطقة الشرق الأوسط. أُدرجت القلعة على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2006، وهي تجذب الزوار والباحثين من جميع أنحاء العالم بفضل تصميمها الدفاعي الفريد وقيمتها المعمارية والثقافية التي تعود إلى أكثر من تسعة قرون.
شُيدت القلعة في عام 1031 ميلادي على يد أمير حمص شبل الدولة نصر بن مرداس، وسُميت "حصن الأكراد" نسبةً إلى الحامية الكردية التي سكنتها. لاحقًا، سيطر عليها الصليبيون الذين قاموا بتوسيعها لتخدم طريق الحج إلى القدس. تعرضت القلعة لهزات أرضية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، مما استدعى تعزيز بنيتها بجدران مائلة مقاومة للصدمات الزلزالية.
تضم القلعة خندقاً مائياً خارجياً وسوراً دفاعياً يشتمل على 13 برجاً، بالإضافة إلى فتحات لرمي السهام وسكب الزيت المغلي. أما السور الداخلي، فهو قلعة مستقلة بذاتها، يفصلها خندق محفور في الصخر، وتُنقل إليه مياه الأمطار عبر قنوات تصريف مبتكرة. يحتوي السور الداخلي على مهاجع للجنود، وإسطبلات، وقاعات للطعام، وغرف مؤونة، وأقبية، بالإضافة إلى 21 بئراً لتخزين المياه، مما مكّن الحامية من الصمود أثناء الحصار.
يعبّر الزوار عن إعجابهم بجمال القلعة وتفاصيلها المعمارية. تحدثت قمر الحلبي عن اكتشافها أماكن جديدة في كل زيارة، بينما عبّرت الطفلة ماريا عن سعادتها بتسلق درجات القلعة واستكشاف المسرح. ووصف السائح الاسكتلندي أياند زيارته بأنها "تجربة رائعة" طالما حلم بها منذ الطفولة، مشيدًا بكرم الشعب السوري وأصالة البلد.
أكد المهندس حازم حنا، رئيس دائرة قلعة الحصن، أن القلعة تُعد من أضخم وأجمل القلاع على مستوى العالم، مشيراً إلى مشاريع الترميم السنوية التي تنفذها المديرية العامة للآثار والمتاحف للحفاظ على هذا المعلم التاريخي وتعزيزه كوجهة سياحية تدعم الاقتصاد المحلي.
قلعة الحصن ليست مجرد بناء أثري، بل هي شاهد حي على عراقة الحضارات التي مرت بها سوريا، ووجهة سياحية عالمية تروي فصولاً من التاريخ، وتبقى درة خالدة في تاج التراث الإنساني.