تواجه العديد من المؤسسات الإعلامية صعوبات في إدارة علاقاتها مع الصحفيين، وذلك بسبب التباين في النظرة إلى دور الصحفي، هل هو موظف أم صاحب رسالة مهنية؟ هذا التباين يؤدي إلى سوء فهم للمهام والأدوار.
من الناحية القانونية والإدارية، يُعتبر الصحفي موظفًا يتقاضى راتبًا ويلتزم بساعات عمل محددة ويخضع لنظام داخلي وشروط إنتاج، وهذا ينطبق بشكل خاص على المؤسسات الإعلامية ذات الهياكل الإدارية الصارمة، سواء كانت رسمية أو خاصة.
تتعدد المشكلات التي يواجهها الصحفيون مع إداراتهم، بدءًا من الجوانب الإدارية والوظيفية مثل ضعف الأجور، وتأخر الرواتب، وتكليفهم بأعباء تفوق طاقتهم، وغياب الوضوح في العقود أو عدم وجودها، وصولًا إلى التعامل معهم كموظفين عاديين دون مراعاة طبيعة عملهم الحساسة، مثل المخاطر الميدانية والضغوط النفسية.
على المستوى التحريري، قد يعاني الصحفيون من فرض أجندة سياسية أو تجارية على المحتوى الصحفي، والتدخل في صياغة الأخبار بشكل يمس بالمهنية، أو منع التطرق إلى مواضيع حساسة خوفًا من ردود فعل رسمية أو شعبية.
العامل النفسي والمعنوي يلعب دورًا هامًا في العلاقة بين الصحفي والمؤسسة، حيث يؤدي غياب التقدير للجهود، واستخدام لغة الأوامر بدلًا من لغة الشراكة، والضغط المستمر على الإنتاج دون مراعاة الظروف، إلى شعور الصحفي بالإحباط.
تدفع هذه العوامل العديد من الصحفيين إلى البحث عن بدائل أو حتى ترك المهنة، اعتقادًا منهم أنها لا تتوافق مع طموحاتهم في بيئة عمل مستقرة ومنتجة.
في المقابل، تعاني المؤسسات الإعلامية من مشكلات في التعامل مع الصحفيين، مثل عدم الالتزام المهني، حيث يتعامل البعض مع الصحافة كوظيفة عابرة، ولا يلتزمون بمواعيد العمل أو تسليم المهام. كما تشكو الإدارات من ضعف التحقق والتدقيق، مما يسبب مشكلات قانونية أو مهنية للمؤسسة.
في كثير من الحالات، يظهر عدم التوافق بين توجهات الصحفي والسياسة التحريرية للمؤسسة، حيث يصر البعض على نشر آرائهم الشخصية بدلًا من الالتزام بخط التحرير المتفق عليه، مما يتعارض مع هواجس المؤسسة في الحفاظ على هويتها وجمهورها.
تعاني العديد من المؤسسات الإعلامية من مشكلة الصحفي الذي لا يواكب التقنيات الحديثة ولا يطور مهاراته، خاصة وأن الإعلام اليوم تجاوز الأطر التقليدية، واشتدت المنافسة في الصحافة الرقمية وأدوات التحقق وصحافة الموبايل.
أخلاقيًا، قد يستغل بعض الصحفيين صفتهم للحصول على منافع شخصية، مثل الشهرة والعلاقات والخدمات، أو تلقي الهدايا والأموال، مما يسيء لسمعة المؤسسة. كما تواجه المؤسسات حالات تسريب المعلومات الداخلية أو العمل بشكل غير معلن مع وسائل إعلام أخرى، مما يتعارض مع القوانين الداخلية ومدونات السلوك والعقود الموقعة.
الاستقرار الوظيفي يمثل تحديًا آخر، حيث تشتكي الإدارات من ترك الصحفيين العمل فجأة بحثًا عن فرص أفضل، مما يسبب فراغًا مستمرًا في غرف الأخبار.
يقدم المتخصصون نصائح للصحفيين وإدارات وسائل الإعلام لضمان التوازن وتجنب الاحتكاكات وفقدان الثقة وتعطيل سير العمل. تشمل هذه النصائح:
- نصائح للصحفي: الالتزام المهني والأخلاقي، التطور والمواكبة المستمرة، الالتزام بالمعايير المؤسسية، الصراحة والتواصل الفعال، والامتناع عن استغلال المهنة لتحقيق مكاسب شخصية.
- نصائح لإدارة المؤسسات الصحفية: الشفافية في العقود، سياسة الثواب والعقاب، التدريب والتطوير المستمر، التشاركية في اتخاذ القرارات، وحماية الصحفيين من المخاطر.
تبقى الصحافة مهنة صعبة، حيث تسعى الإدارات إلى الاستمرار والاستقرار الوظيفي والكوادر المؤهلة وتغطية النفقات، بينما يعيش الصحفيون تحت ضغط تغطية الأخبار العاجلة والمواعيد النهائية والمسؤولية تجاه الجمهور والقانون. بالإضافة إلى ذلك، قد يُطلب من الصحفي تغطية الحروب والكوارث الطبيعية والاحتجاجات، مما يعرضه لضغوط نفسية وأمنية وصحفية، مما يخلق بيئة عمل صعبة للصحفي وإدارته على حد سواء.