في اجتماع استثنائي عُقد في موقع محصّن خوفاً من ردّ صاروخي يمني محتمل، ناقش «الكابينت» الإسرائيلي الخطة العسكرية لتطبيقها في قطاع غزة. الاجتماع ركز على الجداول الزمنية لنشر القوات والتحضير للعملية، مع غياب تام لقضية الأسرى ومفاوضات وقف إطلاق النار.
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إنه لم يعد هناك أي صلة بالمسارات السابقة لصفقة الأسرى أو وقف إطلاق النار، وأن أي صفقة ستشمل جميع الرهائن أحياءً وأمواتاً. وأضاف المصدر أنه لا توجد أي استعدادات لمكان المحادثات أو تشكيل فريق تفاوضي إسرائيلي.
وبحسب قناة «i24NEWS»، لم تتم دعوة اللواء احتياط نيتسان ألون، المسؤول عن ملف الأسرى والمفقودين، إلى جلسة «الكابينت»، مما يشير إلى غياب أي نقاش حول ملف التبادل. وكشفت «القناة 13» العبرية أن المستوى السياسي يفضل المخاطرة بحياة المختطفين في حال تنفيذ عملية احتلال غزة، في وقت واصلت فيه العائلات تظاهراتها أمام منازل وزراء «الكابينت»، بحسب «القناة 12» العبرية.
وعلق رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بسخرية على خبر اغتيال أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام»، مؤكداً أن «الكابينت» اتخذ قراراً يتولى الجيش تنفيذه حالياً، ومذكراً بأن إسرائيل أعادت حتى اليوم 207 أسرى، بينهم 148 أحياء، ومتعهداً بإعادة الجميع «أحياءً وأمواتاً».
وأشارت «القناة 13» العبرية إلى أن مسؤولين كباراً في المنظومة الأمنية وشخصيات بارزة من محيط نتنياهو يضغطون عليه لإعادة النظر في موقفه من المفاوضات والردّ على المقترح الذي وافقت عليه «حماس» بوساطة مصرية وقطرية. ويرى هؤلاء أن استمرار رفض نتنياهو للصفقة يُعدّ «لغزاً»، خاصة أنه وافق سابقاً على الإطار نفسه قبل أن يصرّ على غزو غزة. ومن بين الداعين إلى مناقشة الصفقة رئيس الأركان أيال زامير، ورئيس الموساد ديدي برنياع، واللواء نيتسان ألون، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي.
بدوره، صعّد زامير من لهجته بعد مزاعم اغتيال أبو عبيدة، مهدّداً قيادات «حماس» في الخارج بالاغتيال، ومؤكداً أنهم «لم يمسّوا حتى الآن، لكن ذلك سيتغيّر». وأضاف أن الجيش يعمل بـ«هجوم ومبادرة وتفوّق في كل الجبهات»، مشدداً على أن إعادة جميع الأسرى هي «مهمة عليا» للجيش، وكاشفاً عن استعادة رفات عدد من الأسرى في عمليات خاصة. إلا أن زامير حذّر «الكابينت» من أن احتلال غزة بالكامل «سيعرّض حياة العشرات من الأسرى للخطر المؤكد».
وفي خضمّ ذلك، يواصل جيش الاحتلال تحضيراته للعملية في غزة، لكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً، بحسب «القناة 12»، التي تحدثت عن صدمة وسط الأجهزة الأمنية من أن «بضعة آلاف فقط من سكان مدينة غزة نزحوا جنوباً من أصل مليون نسمة». وكشفت القناة عن وثيقة سرية داخلية تقرّ بفشل عملية «عربات جدعون» التي لم تُحقق أهدافها في إخضاع «حماس» أو استعادة الأسرى، وتبيّن أن «التخطيط العشوائي» وعدم ملاءمة العمليات لأسلوب قتال «حماس» كانا من أبرز أسباب الفشل.
وفي موازاة تسريب تلك الوثيقة، برزت أصوات من أقصى اليمين الإسرائيلي تنتقد خطة اجتياح غزة، وتصفها بأنها «مغامرة فاشلة»، إذ وجّهت مجموعة من عائلات قتلى وجنود احتياط وناشطين يمينيين رسالة إلى نتنياهو، طالبته فيها بوقف التحضيرات لعملية «مركبات جدعون ب»، محذّرة من أن العملية ستلقى مصير سابقاتها نفسه. واشترط هؤلاء لشنّ أي هجوم بري عدم وقف القتال إلا باستسلام كامل لـ«حماس» وتوقيعها على صفقة شاملة لإطلاق جميع الأسرى، إضافة إلى فرض حصار شامل مُسبق على غزة وإخلاء المدنيين من مناطق القتال.
في المقابل، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «حماس» طرحت شروطاً واضحة على الوسطاء، منها انسحاب إسرائيلي مُسبق من القطاع والسماح ببقاء عناصر مسلحين داخله، فيما أبلغت مصر الأميركيين أن الحركة ليست مستعدّة للتفاوض على إنهاء الحرب وفق الشروط الإسرائيلية. كما كشفت الصحيفة نفسها عن خطة أميركية صاغها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإدارة غزة بعد نزع سلاح «حماس»، تقوم على إنشاء صندوق دولي لعشر سنوات على الأقل، تُنقل إليه صلاحيات إسرائيل الإدارية، على أن تنضم إليه لاحقاً دول عربية.
وتقترح الخطة تهجير سكان غزة بشكل مؤقّت إلى دول ثالثة أو مناطق آمنة داخل القطاع، مع تقديم منح مالية مباشرة (5000 دولار لكل شخص) ومساعدات سكن وغذاء، إضافة إلى «رموز رقمية» تُترجم لاحقاً إلى شقق في مدن ذكية جديدة أو تُستبدل بموارد مالية في الخارج.
أما صحيفة «هآرتس» فكشفت أن المخطط الإسرائيلي لاحتلال غزة يتضمّن إقامة معسكرات «سديه تيمان 2» جنوب رفح لإيواء النازحين، حيث سيجري التعامل معهم بأرقام بدل الأسماء، ومصادرة هواتفهم لمنع أي تواصل أو تصوير، إضافة إلى منع دخول المنظمات الإنسانية والصحافة. وأكّدت الصحيفة أن هذه المعسكرات قد تستمر لثلاث سنوات، في ظروف أشبه بـ«المعتقلات النازية» التي أقامها هتلر ضد اليهود.