مع اقتراب فصل الشتاء، تجد العائلات في مدينة الطبقة بريف الرقة نفسها أمام تحدٍ كبير لتأمين "المونة الشتوية"، وهي عادة راسخة في الحياة الريفية السورية منذ عقود. اعتادت الأسر على تخزين الخضراوات والمواد الغذائية استعدادًا لبرد الشتاء ونقص الموارد. لكن هذا العام، يبدو الأمر صعبًا للغاية بسبب الارتفاع الشديد في الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للسكان.
تقول أم خالد (40 عاماً)، ربة منزل من حي الوهب في الطبقة، لمراسل : "لطالما اعتبرنا تحضير المونة مناسبة عائلية واجتماعية، نتعاون فيها مع الجيران. أما اليوم، فأسعار الطماطم والفليفلة والزيت تجاوزت إمكانياتنا، ولم نعد قادرين على تخزين ما يكفينا حتى لأشهر قليلة".
ويوضح محمد العبد الله، موظف حكومي وأب لخمسة أطفال، أن تكلفة تجهيز المونة هذا العام قد تعادل راتب عدة أشهر: "حتى أبسط المواد مثل الباذنجان أو العدس تضاعفت أسعارها. في ظل هذه الظروف، يضطر الكثيرون للتخلي عن فكرة المونة والاكتفاء بالشراء اليومي، رغم أنه أكثر تكلفة على المدى الطويل".
في المقابل، يعزو بعض التجار هذا الارتفاع في الأسعار إلى عدة عوامل، بما في ذلك ارتفاع تكاليف النقل وأسعار الوقود. ويقول أبو أحمد العساف، تاجر خضار في سوق المدينة: "كان الإنتاج الزراعي هذا الموسم ضعيفًا بسبب نقص مياه الري وارتفاع أسعار الأسمدة. ومع قلة المعروض، ترتفع الأسعار تلقائيًا. كما أن أجور النقل من الريف إلى المدينة تضاعفت، وهو ما يؤثر على المستهلك مباشرة".
ويشير عدد من السكان إلى أن الرقابة على الأسواق لا تزال محدودة، مما يتيح الفرصة لبعض التجار لاحتكار السلع وبيعها بأسعار أعلى من قيمتها الحقيقية.
يطالب الأهالي الجهات المعنية باتخاذ إجراءات فورية لضبط الأسعار وتوفير الدعم للمواد الأساسية، مؤكدين أن غياب الحلول سيجعل العديد من الأسر تستقبل الشتاء القادم بموائد خاوية، بعد أن كانت عادة المونة رمزًا للأمان والاكتفاء الذاتي.