الخميس, 4 سبتمبر 2025 04:39 AM

انطلاقة جديدة للاقتصاد السوري: استئناف تصدير النفط كحافز للتعافي

انطلاقة جديدة للاقتصاد السوري: استئناف تصدير النفط كحافز للتعافي

في إطار المساعي الحثيثة لإنعاش الاقتصاد السوري بعد سنوات الحرب، يرى الدكتور عبد الحميد صباغ، أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، أن استئناف تصدير النفط الخام يمثل تطوراً اقتصادياً بارزاً، قادراً على تحفيز التعافي الاقتصادي في سوريا على المستويين الداخلي والخارجي. ويشير إلى أن هذه الخطوة تحمل انعكاسات إيجابية متعددة، بدءاً من دعم المالية العامة وصولاً إلى تعزيز البيئة الاستثمارية.

على الصعيد الداخلي، يوضح الدكتور صباغ أن تصدير النفط الخام سيسهم مباشرة في زيادة الإيرادات الحكومية من العملة الأجنبية، مما يساعد في تمويل الواردات الأساسية كالقمح والدواء والمواد اللازمة لإعادة الإعمار، بالإضافة إلى المواد الخام الضرورية للصناعة والإنتاج المحلي. ويعزز هذا التحسن في الإيرادات من تقليل العجز في الميزان التجاري والموازنة العامة، مما قد يؤثر إيجاباً على سعر صرف الليرة السورية واستقرارها.

كما يتوقع تخصيص جزء من العائدات النفطية لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وعلى رأسها شبكات الطرق والكهرباء والمياه، وهو ما سينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية ويحفز النمو الاقتصادي الوطني. وفيما يتعلق بتأثير تصدير النفط على الاستثمار المحلي، يؤكد صباغ أن تدفق النقد الأجنبي سيحسن السيولة في القطاع المصرفي، مما يعزز قدرة البنوك المحلية على تمويل الاستثمارات، خاصة تلك المتعلقة بشراء الآلات والمعدات وقطع الغيار والمواد الأولية.

ويضيف أن ذلك سيحفز المستثمرين المحليين ويوسع نشاطهم الإنتاجي، وبالتالي يسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني. ويلفت إلى أن العائدات النفطية، إذا أُديرت بحكمة وكفاءة، يمكن أن تسهم في خفض معدلات التضخم أو على الأقل كبح جماحه، مما يؤثر مباشرة على القوة الشرائية للمواطن السوري ويخفف من الضغوط المعيشية. كما يشير إلى أن قطاع النفط وقطاع النقل المرتبط به سيشهدان زيادة في فرص العمل نتيجة النشاط المتنامي المرتبط بالتصدير، مما يعني تحسناً نسبياً في سوق العمل المحلي.

أما على الصعيد الخارجي، فيشير صباغ إلى أن تصدير النفط الخام يبعث بإشارات مهمة للمستثمرين الأجانب بأن الحكومة السورية قد استعادت السيطرة على المناطق النفطية، مما يعزز الشعور بالاستقرار الأمني ويزيد من ثقة المستثمرين الراغبين في دخول السوق السورية. ويوضح أن هذا التطور لا يقتصر على قطاع النفط، بل يفتح المجال لفرص استثمارية أوسع في قطاعات أخرى، نتيجة تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وعودة النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي.

كما أن تصدير النفط سيسهم في تعزيز التعاملات المالية الدولية من خلال فتح قنوات جديدة مع دول أخرى، مما يسهل حركة رؤوس الأموال ويشجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويشير إلى أن من ضمن الآثار الإيجابية المرجوة أيضاً تحفيز المستثمرين الأجانب للدخول في استثمارات مباشرة بقطاع النفط نفسه، سواء في مجالات الاستخراج أم النقل أو البنية التحتية المرتبطة به.

ويشدد أستاذ الاقتصاد على أن هذه الانعكاسات الإيجابية مرهونة بمدى قدرة الحكومة السورية على خلق مناخ استثماري شفاف وجاذب، من خلال تحسين البيئة الإدارية وتطوير الإطار القانوني، بما يضمن حماية الملكية الخاصة بشكل قاطع وتسهيل حركة رؤوس الأموال الأجنبية وعائداتها. ويختتم حديثه بالتأكيد على أن تصدير النفط ليس مجرد نشاط اقتصادي محدود، بل هو مدخل رئيس لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، شريطة أن يُدار بعقلانية اقتصادية وإصلاحات شاملة، من شأنها أن تفتح الطريق أمام سوريا للدخول في مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار الاقتصادي.

محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: