عندما يُكتب تاريخ سقوط النظام في سورية، سيبحث الكثيرون عن المعارك والانشقاقات والتحالفات الدولية. لكن ما قد يغفل عنه البعض هو أن مؤسسات النظام الكبرى تعرضت لعمليات تفريغ وتخريب خطيرة على أيدي نساء صعدن فجأة إلى صدارة القرار، وحوّلن مناصبهن إلى أدوات لهدم ما تبقى من هيبة الدولة.
١- لونا الشبل: انهيار المؤسسة الإعلامية
كان من المفترض أن تكون لونا الشبل الواجهة التي ترمم صورة الدولة إعلاميًا، لكنها تحولت إلى عنوان لانهيار المنظومة الإعلامية. أسلوبها المتغطرس، وإقصاؤها للكفاءات، واستخدام الإعلام كمنبر لتلميع صورة إنجازاتها والحاكم لا الدولة، جعل المؤسسة الإعلامية تفقد مصداقيتها حتى في عيون الموالين. الإعلام الذي كان ذراع الحكومة في حربها النفسية، تهاوى بسبب خياراتها الضيقة، فأصبح عاجزًا عن إقناع الداخل أو الخارج. استخدمت لونا الشبل أغبى المؤثرين على حساب الخبرات والقنوات وأصحاب العلاقات المؤثرة.
٢- سلام سفاف: تفريغ السلطة التنفيذية
دخلت سلام سفاف الحكومة بمشروع مشوه قائم على "التنمية الإدارية" المستوردة من قاعات الأكاديميات الغربية، بلا صلة بحالة الحرب وخصوصيتها وحالة النظام الإداري والعقائدي. فرضت قوانين تنظيرية وهمية، أطاحت بالكوادر الوطنية والنخب التنفيذية، واستبدلتهم بموظفين بلا خبرة سوى حسب معيار النقاط الأحمق والمعلب. النتيجة كانت حكومة عاجزة عن إنتاج حلول واقعية، تحولت إلى عبء بدلاً من أن تكون وسيلة إنقاذ، مع غياب الولاء والثقة والانتماء داخل تلك المؤسسات.
٣- الرائد نسرين ديبو: وزيرة دفاع الظل
شخصية غامضة لُقّبت في أروقة المؤسسة العسكرية بـ"وزير الدفاع الظل". تدخلات الرائد نسرين ديبو المباشرة في شؤون القادة العسكريين، وفرض معايير شكلية على حساب الكفاءة القتالية، وتسلطها في التعامل مع الضباط، أضعفت الروح المعنوية للجيش. لم تكن سندًا عسكريًا للنظام، بل سيفًا يطعن في عموده الفقري من الداخل، بسبب عدم العدالة في الترفيع والمناصب والامتيازات التي كانت حكرًا على قلة قليلة ضمن كل قطعة أو اختصاص.
٤- دارين سليمان: الحزب إلى الديكور
برزت دارين سليمان في المؤسسة الحزبية، كصاحبة نفوذ واسع. تدخلاتها الفجة في تعيينات اللجنة المركزية للحزب والقيادات الفرعية، وصولًا إلى فرض أعضاء في المجالس المحلية للإدارة المحلية وتعيينات المدراء المركزيين وترشيحات وزراء مخصيين ومرتبطين بمخابرات وأجندات خارجية وصولاً لمرشحي مجلس الشعب على أساس الولاء الشخصي لها ولفريقها، جعلت الحزب مجرد ديكور. بذلك سقط ما تبقى من صورة "الجبهة الحزبية والسياسية"، وتحولت الحياة السياسية إلى مزرعة شخصية تديرها دارين سليمان على حساب الكفاءات والخبرات.
٥- نسرين إبراهيم: الاقتصاد في قبضة ظلّية
نسرين إبراهيم هي شقيقة يسار إبراهيم، الرجل الأقوى في الاقتصاد الموازي للنظام، والمعروفة في أروقة دمشق بـ"الحاكم بأمر الله في المال". تولت مواقع حساسة، أبرزها عضوية مجلس إدارة شركات ما يُسمّى "صندوق الشهداء"، إضافة إلى دورها كـ"الحارس القضائي" لتلك الشركات. عبر هذه المواقع، تحكمت بتدفق الأموال والاستثمارات والعقود، فأفرغت الاقتصاد من أي عدالة أو شفافية. تحولت موارد الدولة إلى خزائن مغلقة بيد مجموعة صغيرة، تكرّس هيمنة مالية ظلت خارج أي رقابة أو محاسبة.
٦- دانا بشكور: مكتب أسماء إلى صالة عرض
حتى مكتب أسماء الأسد، الذي كان يُقدَّم كواجهة "مدنية إصلاحية"، لم يسلم من العبث. دانا بشكور، البلوغر الصاعدة بالإضافة لإدارة المكتب، حولته إلى فضاء للعلاقات الشخصية والمؤثرين الفارغين. بدلاً من دعم مشاريع تنموية حقيقية، اختُزل الدور في حملات علاقات عامة سطحية وصناعة صور تجميلية. المكتب، الذي كان يُفترض أن يكون عقلًا مدنيًا مكملاً لمؤسسة الرئاسة، تحوّل إلى مجرد واجهة إعلامية بلا مضمون وصفحة إنستغرام تسويقية سياحية هابطة.
٧- الحاشية الموازية: إقطاعيات العائلات
لم تقتصر الكارثة على هذه الأسماء، بل امتدت إلى شبكة عائلية موازية: لينا كناية وزوجها، دانا بشكور وزوجها، هلا دقاق وزوجها، ربا درويش وزوجها، وغيرهم ممن حوّلوا الوزارات والقطاعات الحيوية إلى إقطاعيات شخصية. النتيجة كانت دولة مفككة تُدار بعقلية المزرعة العائلية. يمكن اضافة كامل صقر كسيدة ايضاً من سيدات السقوط في القصر لدوره الفتنوي واستشاراته الغبية والسطحية والشللية فكان يعرف بالمرأة العاهرة ضمن الوسط لدوره الفتنوي والتحريضي.
وفوق هذا كله، كان الرئيس السابق بشار الأسد يوافق على قراراتهن جميعًا "على العمياني"، وكأن الدولة تحولت إلى مسرح تديره أربع أو خمس نساء متنافسات على النفوذ، كل واحدة تهدم مؤسسة بطريقتها. هكذا وجدت سورية نفسها بلا إعلام مقنع، بلا حكومة فاعلة، بلا جيش يحظى باحترام ضباطه، وبلا حزب قادر على تمثيل حتى قاعدته التقليدية. وكان يكفي أن تتشابك هذه الخيوط حتى يتهاوى النظام من الداخل، قبل أن تسقطه الضربات من الخارج.
التاريخ لا يرحم، والذاكرة السورية ستُسجّل أن سقوط هذا النظام لم يكن فقط نتيجة المؤامرات ولا الحروب، بل أيضًا نتيجة "تفويض أعمى" منح لنساءٍ تسلطن على المؤسسات فأفرغنها من مضمونها.
غدي فرنسيس