الإثنين, 8 سبتمبر 2025 03:58 PM

مركز الدم والأورام في دير الزور: بصيص أمل مجاني للمرضى في مواجهة تحديات صحية جمة

مركز الدم والأورام في دير الزور: بصيص أمل مجاني للمرضى في مواجهة تحديات صحية جمة

علي البكيع ـ دير الزور

في قلب دير الزور المثقلة بآثار سنوات الصراع والدمار، يسطع مركز الدم والأورام كمنارة أمل لمئات المرضى الذين يخوضون معركة شرسة ضد السرطان. هذا المركز، الذي تديره الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، يقدم خدمات العلاج الكيميائي بالمجان، ساعياً بكل قوته لمواجهة التحديات الهائلة التي تواجه القطاع الصحي في المنطقة. ومع ذلك، يشكل نقص التمويل وارتفاع أعداد المراجعين عبئاً ثقيلاً على المركز.

أكثر من مجرد مركز.. إنه ملاذ للمرضى

يتحدث خالد خطاب، مدير مركز الدم والأورام، إلى نورث برس، مسلطاً الضوء على الخدمات التي يقدمها المركز، ومؤكداً أنه ليس مجرد مبنى للعلاج، بل هو ملجأ للمرضى. ويضيف: "نحن نعالج ثمانية أنواع من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والمعدة والقولون والمثانة والخصية والمبيض، بالإضافة إلى أمراض الدم مثل اللوكيميا بأنواعها والأورام اللمفاوية". ويتابع: "نقدم العلاج الكيميائي مجاناً بالكامل، بالإضافة إلى استشارات طبية متخصصة على مدار الأسبوع".

يستقبل المركز يومياً أعداداً كبيرة من المرضى، ويعتبر عدم وجود قائمة انتظار من أبرز إنجازاته. يشرح خطاب: "المريض الذي يأتي يتم علاجه في اليوم نفسه، ونحن نعمل جاهدين لضمان ذلك". المركز مجهز بستة أسرة لتسريب الجرعات الكيماوية، ويضم فريقاً طبياً وتمريضياً متخصصاً ومدرباً على أعلى المستويات. يتلقى الكادر تدريبات دورية من قبل أطباء سوريين أمريكيين يأتون في بعثات دائمة أو يتواصلون عن بعد لتقديم التوجيه وتقييم الحالات.

رحلة العلاج.. معاناة لا تنتهي

من جهة أخرى، تتجلى معاناة المرضى بوضوح، حيث لا يقتصر التحدي على المرض نفسه، بل يمتد ليشمل رحلة الوصول إلى العلاج. يروي نواف جاسم الجلود، القادم من بلدة الطابية بريف دير الزور الشرقي، لنورث برس تجربته المريرة قائلاً: "الصعوبات أصعب مما تتوقع". ويضيف: "نخرج في الصباح الباكر من منزلنا حتى نصل إلى دمشق في وقت متأخر، قد يكون بعد أذان العشاء".

تلك الرحلة الطويلة والمرهقة، التي كانت في السابق تعطلها الحواجز لساعات طويلة، تترك آثاراً نفسية وجسدية على المرضى. يقول جلود: "نعاني من كثرة الذهاب والإياب". ويضيف: "الإرهاق يرهق أجسادنا الهشة ويزيد من تدهور حالتنا الصحية". تتضاعف المعاناة داخل المدن الكبرى، ففي دمشق، يجد المرضى صعوبة في التنقل بين أماكن الإقامة والمشافي، مما يفرض عليهم قطع مسافات طويلة، وهو ما يزيد من إرهاقهم.

يشير جلود إلى مشكلة أخرى جوهرية تتعلق بنتائج الفحوصات الطبية. "أقوم بإجراء فحوصات في دير الزور، وعندما نصل إلى دمشق، يتغير التحليل جذرياً بسبب معاناة السفر". ويضيف: "هذه المشكلة تفرض على المرضى تكاليف إضافية لإعادة الفحوصات في دمشق، مما يثقل كاهلهم مادياً". ومع المعاملة الجيدة والخدمات المقدمة في المركز يطالب جلود "بإضافة مراكز للتحليل والتصوير في المركز للتخفيف من الأعباء المالية التي يتكبدها المرضى".

تحديات تؤرق المنظمة

يواجه مركز الدم والأورام تحديات جمّة، كما يوضح محمد نبيل أحمد، مدير مكتب SAMS لنورث برس. ويقول: "يتم تمويل المركز حالياً بشكل كامل من قبل الجمعية الطبية السورية الأمريكية"، مشيراً إلى أن هذا التمويل يواجه تحديات كبيرة. "أهم التحديات هو نقص وضعف التمويل، إضافة إلى ندرة وجود الأدوية".

يُعدّ تزايد أعداد المراجعين والمرضى في المنطقة الشرقية، ودير الزور على وجه الخصوص، تحدياً آخر يضع ضغطاً كبيراً على المركز. ويضيف أحمد: "هناك نسبة كبيرة من المصابين بمرض السرطان على مستوى سوريا بالكامل". وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يؤكد وجود تنسيق عالٍ مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات المحلية والدولية لضمان استمرارية الخدمات.

تؤكد منظمة SAMS على التزامها بالعمل في جميع المناطق السورية، من أقصى الشمال الشرقي إلى أقصى الجنوب الغربي. وقد افتتحت المنظمة مؤخراً مركزاً مماثلاً في مدينة درعا، ولديها خطط لتوسيع المشاريع القائمة وزيادتها في المستقبل القريب.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: