الإثنين, 8 سبتمبر 2025 12:49 AM

خلافات الفنانين: من الكواليس إلى الترندات.. صراعات تجذب الجمهور وتؤثر على مسيرة النجوم

خلافات الفنانين: من الكواليس إلى الترندات.. صراعات تجذب الجمهور وتؤثر على مسيرة النجوم

عنب بلدي – أمير حقوق

أثار الخلاف الأخير بين الفنان السوري دريد لحام والفنانة ترف التقي جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن هاجمت التقي لحام بسبب تصريحاته حول زواجه من والدتها الفنانة السورية صباح الجزائري، واصفاً إياه بأنه "كان نزوة وخطأ" و"انسحب منه سريعاً". وردت التقي قائلة: "في هذه المرحلة العمرية، عليه أن يراعي سنه وسن الآخرين، وأن يتصرف بطريقة تراعي الكبار، وأن يكون إنسانًا".

انقسم الجمهور بين مؤيد للتقي، معتبراً أنها محقة في دفاعها عن والدتها، وأن قصة الزواج مضى عليها عشرات السنوات، ومعارض اتهمها بالتهجم على قامة فنية كبيرة، وبأنه يجب احترام قيمة لحام ومكانته.

تشهد الساحة الفنية العربية عموماً، والسورية خصوصاً، خلافات علنية بين الفنانين من حين لآخر، سرعان ما تتحول إلى عاصفة إعلامية تجذب اهتمام الجمهور، وتؤثر على صورة الفنان، وربما على مصير الأعمال الفنية التي يقدمها. وباتت الخلافات الفنية ظاهرة منتشرة، لها جمهور يرتقبها، فبعد أن كان ينتظر الأعمال الفنية للفنانين، أصبح ينتظر خلافاتهم الفنية، كأداة تسلية ثقافية فنية.

من السر إلى العلن

اعتبر نقاد فنيون أن الخلافات الفنية الأخيرة انتشرت بكثرة، وأصبحت علنية بعكس الخلافات الفنية السابقة، وأن أصحابها يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي لجعلها قضية فنية بارزة، مع اختلاف دوافع تلك الخلافات سواء مهنية أو شخصية.

الناقد الفني عامر عامر، قال لعنب بلدي، إن الخلافات الفنية المنتشرة اليوم في الوسط السوري، يمكن توصيفها بعدة مستويات، منها خلافات مهنية فنية بحتة، وخلافات شخصية تتحول إلى علنية، وأخرى مرتبطة بالسياسة والاصطفافات، إضافة إلى خلافات مع الجمهور والنقاد.

واعتبر أن الخلافات اليوم أقل "فكرية وإبداعية" وأكثر شخصية، مما جعلها تبدو وكأنها جزء من المشهد الترفيهي نفسه، وليس مجرد اختلافات مهنية وراء الكواليس.

وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً حاسماً في تضخيم الخلافات، لكنها ليست العامل الوحيد، لكن بات جلياً أن أي خلاف أو تصريح يتحول فوراً إلى "ترند"، حتى لو كان "تافهاً"، بحسب وصفه.

ويرى أنه سابقاً كانت الخلافات تبقى داخل الكواليس أو الصحافة الفنية المتخصصة، أما اليوم فهي تظهر مباشرة على حسابات الفنانين، فالفنان صار يكتب وهو منفعل، والجمهور يتفاعل بالشتائم أو التصفيق، فيكبر الخلاف، وأحياناً الجمهور نفسه يصبح طرفاً في الخلاف، كداعم أو مهاجم، ما يجعل أي نزاع يأخذ بعداً جماهيرياً.

وفي عالم اليوم، أصبح "الترند" يساوي حضوراً وفرصاً، وصار بعض الفنانين يستخدمون الخلافات كوسيلة متعمدة لصناعة ضجيج حول أسمائهم، فعدد المسلسلات السورية تراجع، والأدوار المهمة محدودة، لذلك يلجأ بعضهم للفت الانتباه عبر إثارة الجدل بدل انتظار عمل فني يبرزهم.

لكسب "الترند"

أما الناقد الفني جوان الملا، فقال لعنب بلدي، إن الخلافات الفنية موجودة منذ القدم، وسابقاً كانت المجلات تسهم بصنعها، أما اليوم فوسائل التواصل الاجتماعي أكثر انتشاراً، وتساعد في صنعها بشكل مضاعف، بالإضافة إلى بعض الصحفيين الذين يثيرون هذه الخلافات بأسئلتهم، لكسب "الترند"، عبر اجتزاء بعض اللقطات، بهدف إثارة البلبلة بين الفنانين.

وأثر هذه الخلافات يكون لحظياً، لصنع "الترند"، وغالباً تكون هذه الخلافات بين فناني الدرجة الثانية والثالثة، لخلق الجدل وكسب الشهرة.

قيمة الفنان مرهونة بطبيعة الخلاف

تؤثر الخلافات الفنية على صورة الفنان أمام الجمهور، فهو الشخص المثالي بنظرهم، وبالتالي أدت هذه الخلافات بشكل أو بآخر إلى كسر النمطية السائدة عند الناس حيال الفنانين، فتغيرت نظرتهم تجاههم، وربما تجاه قيمتهم الاجتماعية والثقافية.

وعندما يصبح الفنان طرفاً دائماً في النزاعات، يتحول من رمز إبداعي إلى مادة للجدل، مما يؤثر سلباً على صورته المهنية.

وهنا، يوضح الناقد عامر عامر، أن ذلك يعتمد على طبيعة الخلاف وطريقة تعامل الفنان معه، مثلاً إذا كان الخلاف مهنياً وموضوعياً يطرح الفنان رأيه بجرأة واحترام، ويُظهر تمسكاً بمعايير فنية كجودة النص أو الأداء، وغالباً يكسب احترام الجمهور حتى لو اختلف معه، وهذا يعزز صورته كصاحب موقف نقدي و"حارس لقيمة الفن".

لكن إذا كان الخلاف شخصياً أو استعراضياً، فعندما يلجأ الفنان لمستوى "المهاترات" أو السخرية أو تصفية الحسابات، تتحول صورته عند الجمهور إلى "باحث عن ترند"، وتضعف قيمته الثقافية، وبعض الجمهور قد يتابع بدافع الفضول، لكن على المدى الطويل تتضرر هيبته الفنية.

وبحسب عامر، إذا ارتبط الخلاف بموقف سياسي أو أخلاقي، فالجمهور قد يصنف الفنان إلى "بطل" أو "خائن"، حسب الاصطفافات، وهذه الخلافات لا تقاس بميزان الفن فقط، بل بميزان الهوية والانتماء، وهو ما يجعلها الأكثر خطورة على صورة الفنان.

والإعلام يميل إلى تضخيم الجانب المثير، فيُظهر الفنان كأنه مثير للجدل أكثر من كونه صاحب إنجاز، ما يؤدي إلى تغيير مكانته الاجتماعية من "رمز ثقافي" إلى "مادة ترفيهية".

وأشار إلى أن الخلافات الفنية لا تؤثر فقط على قيمة الفنان، بل أيضاً على صورة الدراما السورية، بسبب أن الخلافات بين الفنانين والمخرجين والمنتجين لا تبقى محصورة في الأشخاص، بل تمتد لتنعكس على صورة الدراما ككل، مما يولد إضعاف الثقة بالمؤسسة الدرامية، وتشويه السمعة الخارجية، وانزياح الاهتمام عن العمل إلى الأشخاص، والأهم تجزئة الجمهور وانقسامه.

وبحسب الناقد جوان الملا، تؤثر الخلافات الفنية على قيمة الفنان الاجتماعية والفنية، وأيضاً على حجم أثره، ويعزز ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي أضعفت هذه القيمة، فكلما كان الفنان بعيداً عن "المهاترات"، كان أفضل لقيمته بنظر الجمهور.

إعلان الخلاف أم كتمه؟

بعض الفنانين يفضلون أن تبقى خلافاتهم "سرية"، أو في مرحلة صمت، ولا يفضلون الاتجاه السائد، وهنا يفضل الناقد جوان الملا أن تبقى الخلافات بين الفنانين بمرحلة الصمت، وألا تضخمها وسائل الإعلام، وتستثمر فيها، وغالباً يكون الإعلام هو سبب الخلافات بين الفنانين.

وبرأي الناقد عامر عامر، ليس كل خلاف يجب أن يبقى في مرحلة الصمت، لكن أيضاً ليس كل خلاف يُذاع عبر الإعلام، فالأمر يحتاج إلى ميزان ذكي بين الخصوصية والعلنية، والحفاظ على هيبة الفنان تحتاج إلى الصمت بالضرورة، وحين تبقى الخلافات داخل الأبواب المغلقة، يظل الجمهور يرى الدراما كعمل جماعي محترف، لا كساحة معارك.

ويكون الإفصاح عن الخلاف ضرورياً، برأيه، عندما يتعلق بمبدأ عام أو قضية أخلاقية أو حقوقية، مثل سرقة نص، أو ظلم تعاقدي، أو استغلال إنتاجي، أو موقف إنساني يحتاج إلى توضيح، أو تصحيح مسار فني كالاعتراض على تسطيح الدراما أو الانحدار للقيم السوقية.

أيضاً حين يُهاجَم الفنان علنًا أحيانًا يصبح الرد العلني ضرورة للدفاع عن سمعته، لكن مع ضبط الأسلوب.

واعتبر أن الأصل في الخلافات أن تُدار بصمت واحترافية، لكن إذا تجاوزت حدها وصارت تمس القيم أو الحقوق، فمن المشروع أن تخرج للعلن، بشرط أن يُقدم الأمر بأسلوب راقٍ يليق بصورة الفنان والثقافة التي يمثلها.

مشاركة المقال: