الإثنين, 8 سبتمبر 2025 10:23 PM

د. ريم حرفوش: في دوامة الوطن.. بين المشاعر والخيانة وفقدان الانتماء

د. ريم حرفوش: في دوامة الوطن.. بين المشاعر والخيانة وفقدان الانتماء

في هذا الوطن، كما تصف د. ريم حرفوش، يصبح التعبير عن المشاعر والحب مدعاةً للاتهام بالخيانة وانعدام الانتماء. يجب على المرء أن يظل حبيس حلقة مفرغة، في دوامات تجذبه نحو الحضيض، وتنسيه جمال الحياة.

ستمطر غداً، ولكن لا مجال للفرح والرقص، فالأرض مشبعة بأولئك الذين سيخرجون سراً من قبورهم ليطهروا أنفسهم منا، ويقطعوا صلة الرحم، وينكروا حتى الأسماء. نحن جبناء، لا نملك بعدهم سوى النحيب والبكاء على الأطلال. كم نشتاق لدفء العينين وعطر الصوت والنغمات، ولكن ممنوع علينا الاعتراف بما في الصدور.

الأشواق تُدفن ككفن، ونصبح كالأموات الأحياء، لا فرق. الربيع وينابيعه لم تعد تسقي يباس الأرواح، ولا دواء يشفينا من سقم، ولا طبيب يعرف لنا علة. يلملم الليل أطيافهم ويعيدنا إلى وحدتنا بلا شفقة. كيف نلتقي وأنت أبعد من المحال؟ كم مرة يجب أن أقول أحبك لتعود من الغياب؟ لا جواز سفر إلى ذراعيك، ولا كتفيك، ولا حتى بؤبؤ العينين.

ستمطر غداً، وأنا وكل ما بي وعصافير الدوري، على كل المفارق تطير جوارحنا لتلاقي آخر النسائم. أكتفي منك برائحة العناق، نجلس سوياً، نضحك وأنت تحدثني عن الاهتمام. أعلم أنك كاذب، لكني أجيب بالإيماء. تضحك الدنيا معنا لجمال الكذبات، وتغرق حروفنا ما بين اللهفة والتناقضات. أفتش عنك وأعلم أني لن أجدك، أحادثك وأعلم أنك لا تسمع، وأحبك وأعلم أنه ما بين حب وحب، أذوب موتاً وعشقاً وصمتاً، في وطن يعلق المشانق لمشاعرنا، مع تهمة الخيانة وفقدان الانتماء.

_(اخبار سوريا الوطن-2)

مشاركة المقال: