يشهد قطاع زراعة البطاطا في محافظة درعا تحديات متزايدة، تتصدرها ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتراجع القدرة الشرائية في السوق المحلية، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة مع المنتجات المستوردة. ومع تدفق شحنات البطاطا والبندورة والجزر عبر المنافذ الحدودية قبل الموعد المحدد، تفاقم الخلاف بين المزارعين والجهات الرسمية، مما أثار مخاوف من انهيار أسعار المحاصيل المحلية وتكبد المزارعين خسائر فادحة.
آراء المزارعين
أوضح المزارع سمير الجهماني، أحد كبار منتجي البطاطا في درعا، لـ”سوريا 24″، أن “إدخال البطاطا والبندورة والجزر من تركيا قبل الموعد المحدد في الأول من تشرين الأول أدى إلى انهيار الأسعار، حيث خسر بعض المزارعين ما يقارب مليار ليرة لكل ألف طن مخزن”. وأضاف الجهماني أن سعر الكيلوغرام من البطاطا المحلية انخفض إلى 2000 ليرة فقط، بينما تباع البطاطا المستوردة بـ1500 ليرة على الرغم من رداءة نوعيتها، مؤكدًا أن مطلبهم الأساسي هو الحصول على تعويض يخفف من الخسائر.
بالتوازي مع ذلك، نظم المزارعون تجمعًا احتجاجيًا في مدينة نوى بريف درعا، يوم الأحد الماضي، استعدادًا للتوجه نحو دمشق وتنفيذ اعتصام سلمي أمام الجهات الحكومية، بهدف إيصال صوتهم والمطالبة بوقف استيراد الخضروات في ذروة الموسم المحلي. وعبر المزارع فيصل أبو خروب عن استيائه الشديد، قائلاً: “ما حدث يخدم خمسة أو ستة تجار فقط على حساب آلاف المزارعين”، وأن “الكثير من الفلاحين يفكرون بالتخلص من محاصيلهم بعد أن انهارت الأسعار، خاصة مع ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين”.
موقف الجهات الرسمية
في المقابل، قدمت الجهات الرسمية رواية مختلفة، حيث أوضح مازن علوش، مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، أن الكميات التي دخلت عبر المنافذ الحدودية قليلة ولا تؤثر على الإنتاج. وقال لمنصة سوريا 24 إن “ما جرى هو تأخير بسيط في وصول قرار التمديد إلى معبر باب الهوى”، وأن “بعض الشحنات المحدودة دخلت قبل أن يتوقف الاستيراد فورًا”. وأوضح علوش أن “هذه الكميات لا تكفي حتى حاجة قرية واحدة، والتهويل مصدره بعض التجار وأصحاب البرادات”.
وأكد علوش في ختام حديثه أن الهيئة “تدعم الإنتاج المحلي وتقف إلى جانب المزارعين”، نافيًا ما يشاع عن خسائر بمليارات الليرات، ومشددًا على أن المعابر ملتزمة بقرارات الحكومة، وأن الاستيراد لا يتم على حساب المحاصيل الوطنية. من جانبه، قال محافظ درعا أنور الزعبي لمنصة سوريا 24 إن اجتماعين عقدا مع ممثلين عن المزارعين لمناقشة مطالبهم، مشيرًا إلى أن “الموضوع قيد المعالجة بالتنسيق مع الوزراء المعنيين لتلافي أي ضرر على الإنتاج المحلي”.
رأي المستهلكين
وفي دمشق، انعكس هذا الجدل على الأسواق، حيث عبر مواطنون عن استيائهم من ارتفاع الأسعار، إذ بلغ سعر كيلوغرام البطاطا 4500 ليرة في ضاحية الشام، مقابل 3500 ليرة في بعض الأحياء الأخرى، بينما وصل كيلوغرام البندورة إلى 5000 ليرة. لكن في المقابل، يرى آخرون أن الاستيراد كان له جانب إيجابي، إذ يقول المواطن أبو محمد: “جودة البطاطا المستوردة جيدة، وسعرها أرخص من البطاطا الحورانية، وهذا يخفف العبء على المستهلك”.
بين اتهامات المزارعين للجهات الرسمية بـ”تدمير الزراعة المحلية”، وتأكيد المسؤولين أن الكميات المستوردة محدودة ولا تؤثر على السوق، يبقى المستهلك عالقًا بين تفاوت الأسعار وتباين الجودة. وبين هذا وذاك، تتزايد المطالب بفتح تحقيق شفاف حول آلية دخول الشحنات، وتعويض المزارعين المتضررين، بما يضمن حماية الإنتاج المحلي مع تلبية احتياجات السوق.