السبت, 13 سبتمبر 2025 05:38 AM

حمص: حملة واسعة لتطهير الأحياء من آثار الحرب بالشراكة مع الأمم المتحدة

حمص: حملة واسعة لتطهير الأحياء من آثار الحرب بالشراكة مع الأمم المتحدة

أعلن مجلس محافظة حمص عن إنجاز المرحلة الأولى من مسح الألغام ومخلفات الحرب في أربعة أحياء رئيسية، وذلك ضمن برنامج متكامل بالتعاون بين شركة "حلول الأمان" ودائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS)، وبتنسيق مع بلدية حمص.

مسح شامل يغطي مساحة تتجاوز 9.7 مليون متر مربع

تم مسح مساحة إجمالية قدرها 9,751,868 متراً مربعاً، شملت أحياء دير بعلبة الشمالي، دير بعلبة الجنوبي، جورة الشياح، والقرابيص. هذه الأحياء شهدت اشتباكات عنيفة خلال سنوات النزاع، وتعتبر ذات أولوية قصوى لإعادة الإعمار وتأمين عودة السكان.

خلال العمليات الميدانية، تم اكتشاف 10 ذخائر غير منفجرة (UXOs) مثل قذائف هاون ومدفعية وأجزاء صواريخ، وتعاملت معها الفرق المتخصصة وفقاً لمعايير السلامة الدولية، وتمت إزالتها بأمان دون وقوع إصابات.

أكد مصدر في شركة "حلول الأمان" أن المسح يعتمد على منهجية "غير تقنية" تعتمد على جمع المعلومات من السكان المحليين واستخدام أدوات بصرية بسيطة، مما يجعلها فعالة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية حيث يصعب استخدام المعدات الثقيلة بسبب الأضرار في البنية التحتية.

استمرار العمل في أحياء أخرى

تواصل الفرق حالياً عمليات المسح في أحياء الخالدية، القصور، العباسية، والمهاجرين، وهي مناطق سكنية شهدت نزوحاً كبيراً، وتعتبر محورية لإعادة بناء الخدمات العامة والسكنية.

تشمل هذه المرحلة توثيقاً دقيقاً لأي مؤشرات على وجود ألغام أو مخلفات حربية، بمشاركة المجتمع المحلي عبر لجان تعمل كوسيط بين السكان وفرق المسح، لتعزيز الثقة وضمان دقة المعلومات.

تعاون دولي ومحلي لإزالة الأنقاض

في سياق متصل، أنجزت فرق المسح سابقاً مسحاً للقسم الجنوبي من حي البياضة ضمن مشروع مشترك مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UNHabitat)، يركز على إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل الطرق والمباني. أظهرت العملية تداخلاً بين مخلفات الحرب والأنقاض، مما يستدعي تكامل الاستراتيجيات الأمنية والإنسانية.

تباين في توزيع الألغام

أوضح محمد فهد ديب، عضو لجنة حي دير بعلبة، أن "غالبية الألغام منتشرة على خط الجبهة وفي المناطق التي لم تكن تحت سيطرة النظام. أما دير بعلبة فهي منطقة كانت تحت سيطرة قوات النظام السابق طوال فترة النزاع، ولم تشهد اشتباكات مباشرة على الأرض، وبالتالي فهي خالية تقريباً من الألغام".

أشار إبراهيم ياسين، أحد سكان ريف حمص، إلى توزيع جغرافي مختلف، قائلاً: "الألغام موجودة أساساً في المناطق الشرقية والبوادي، خاصة على طرق التهريب، والتي كان يزرعها غالباً جيش النظام السابق قبل عام 2015، إذ كانت تلك المناطق ممرات لجماعات مسلحة، واستخدمت الألغام كسلاح دفاعي ضد الهجمات، لا كأداة للسيطرة على المدن".

أضاف ياسين: "الخوف من الألغام أكبر من واقعها، وهذا يعيق عودة الناس، وبالتالي نحن بحاجة إلى توعية حقيقية، لا مجرد عمليات مسح".

تحديات ومستقبل العمل

رغم التقدم، لا تزال التحديات قائمة. معظم الألغام المكتشفة هي مخلفات قذائف وذخائر غير منفجرة، مما يتطلب تدريباً خاصاً لفرق المسح ووعياً مجتمعياً لتجنب اللمس العشوائي في المناطق الموبوءة.

يُعد استكمال مسح أكثر من تسعة ملايين متر مربع في حمص إنجازاً تاريخياً في إزالة مخلفات الحرب في سوريا، ونموذجاً يُحتذى به في الدول المتأثرة بالنزاعات، ويعكس تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، ويُثبت أن "الأمان" شرط أساسي للسلام الدائم.

مشاركة المقال: