يكشف الصحفي والكاتب السوري أحمد موفق زيدان في كتابه "زلزال فتح دمشق" تفاصيل لم تتطرق إليها الروايات الرسمية، ونادرًا ما نقلتها وسائل الإعلام المحلية والعربية والغربية. يتناول الكتاب الأيام التي سبقت وأعقبت دخول دمشق، والتي أنهت النظام السابق.
يُعتبر "زلزال فتح دمشق"، الذي نُشر في شباط الماضي، شهادة ميدانية حية على مرحلة يراها الكاتب نقطة تحول في تاريخ سوريا الحديث. لا يقتصر الكتاب على سرد الأحداث، بل يسعى إلى تقديم رواية بديلة تستند إلى تجربة الكاتب المباشرة، بدءًا من غرفة العمليات في شمال إدلب وصولًا إلى لحظة دخول العاصمة.
يقول زيدان إن تلك اللحظات كانت بمثابة "فتح داخلي" لم يشهد إراقة دماء غزيرة كما توقع الكثيرون، بل تميز بروح التسامح والعفو، حيث سار الناس جنبًا إلى جنب رغم الجراح، تاركين أمر المحاسبة للقضاء، ليقدموا صورة تختلف عن ثنائية المنتصر والمهزوم التي طغت على أدبيات الحرب.
يمزج الكتاب بين السرد الميداني والتحليل السياسي لفهم كيف تحولت دمشق من "مزرعة"، كما يصفها الكاتب، إلى فضاء مفتوح لوطن يبحث عن هويته. ومن خلال شهادات الشهداء والمقاتلين، يسعى زيدان إلى تفنيد الروايات التي تربط "الفتح" بصفقات إقليمية أو مؤامرات دولية، مؤكدًا أن ما حدث كان فعلًا سوريًا خالصًا، قاده أبناء الداخل بتضحياتهم وإصرارهم.
يتناول زيدان البعد الإنساني من خلال توثيق تفاصيل صغيرة من حياة الناس الذين عاشوا تلك الأيام وتأثيرها النفسي والاجتماعي عليهم.
في ختام "زلزال فتح دمشق"، يوضح أحمد موفق زيدان أن عمله ليس سوى خطوة أولى في مسار طويل من التوثيق، وأن مسؤولية حفظ الذاكرة لا يمكن تركها للمصادفات أو الروايات الرسمية. ويرى أن ما حدث يستحق أن يُروى بأصوات متعددة، وأن يكون هذا الكتاب بداية لسلسلة أعمال تسرد تفاصيل "الفتح" كما عاشها الأبطال والناس العاديون.
من هو الكاتب؟
أحمد موفق زيدان هو صحفي وكاتب سوري، والمستشار الإعلامي الحالي للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع. عمل مراسلًا ميدانيًا لسنوات طويلة في مناطق النزاع، وخاصة في باكستان وأفغانستان، ومؤخرًا في سوريا واليمن. برز أحمد زيدان إعلاميًا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وغطى الحرب على أفغانستان، والتقى أكثر من مرة مع زعيم تنظيم "القاعدة" السابق، أسامة بن لادن.
من مؤلفاته: "طالبان أفغانستان.. مستقبل الحركة وآفاق الدولة"، و"صعود طالبان: طالبان الإمارة الثانية"، و"صيف أفغانستان الطويل: من الجهاد إلى الإمارة"، و"آسيا الوسطى: الهوية الضائعة".
في عام 2015، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية زيدان على قائمة الإرهابيين المشتبه بهم، متهمة إياه بالانتماء إلى "القاعدة" و"الإخوان المسلمين"، بالإضافة إلى عمله مديرًا لمكتب شبكة "الجزيرة" في باكستان.