الخميس, 18 سبتمبر 2025 01:54 PM

تحذيرات من تكرار سيناريو دايتون في سوريا: هل تواجه البلاد خطر التقسيم والوصاية؟

تحذيرات من تكرار سيناريو دايتون في سوريا: هل تواجه البلاد خطر التقسيم والوصاية؟

تشهد سوريا اليوم انقسامات عميقة تتداخل فيها مصالح قوى محلية وإقليمية ودولية. وقد استُغلت الطائفية كأداة سياسية لتفعيل هذه الانقسامات وتفتيت النسيج الاجتماعي، بعد أن كانت الفروقات الطائفية أقل وضوحًا وتأثيرًا في الحياة العامة.

في الجنوب السوري، تواجه السويداء تحديات أمنية، وتتراوح المطالب بين السعي للحماية الخارجية والدعوة إلى إدارة محلية مستقلة. كما تتواجد فصائل مسلحة محلية تهدف إلى حماية المنطقة، مما يزيد الوضع الأمني تعقيدًا في ظل غياب حلول واضحة من السلطات المركزية، الأمر الذي يفاقم حالة عدم الاستقرار.

في شرق الفرات، تسيطر قسد على مناطق واسعة غنية بالموارد، مما يجعلها مركزًا اقتصاديًا هامًا، وتحظى بدعم وتسليح أمريكي متقدم.

في المقابل، تعتبر تركيا الوجود الكردي المسلح تهديدًا لأمنها القومي، وتسعى لتأمين مصالحها في شمال سوريا عبر مناطق نفوذ وإنشاء مناطق آمنة.

تنتشر قوى دولية وإقليمية على الأراضي السورية لتحقيق أهدافها، مما يجعل البلاد ساحة لتوازنات معقدة. تسيطر القوات الأمريكية على مواقع حيوية وتدعم فصائل محلية، بينما تحافظ القوات الروسية على وجودها لحماية مصالحها. وتعتمد إسرائيل على الغارات الجوية والتواجد الحدودي لضمان الردع ومنع أي تهديد محتمل.

تعمل إيران عبر مؤيدين سياسيين واجتماعيين لتعزيز نفوذها الإقليمي وتأمين مصالحها الاستراتيجية، في محاولة لاستعادة دورها الذي تراجع في السنوات الأخيرة. وتلعب دول الخليج دورًا مؤثرًا عبر دعم مجموعات محددة أو التأثير على مسار الحل السياسي.

تتقاطع مصالح القوى الإقليمية في سوريا، مما يجعلها ساحة لتوازنات متشابكة تعيق تحقيق التوافق السياسي.

تتبنى السلطة الحالية إدارة أحادية اللون للدولة، بعيدًا عن الشراكة الوطنية الشاملة، مما يزيد من شعور التهميش لدى مختلف مكونات المجتمع ويعمق الفجوة ويجعل بناء الثقة الوطنية مهمة صعبة.

في ظل هذا الوضع السياسي غير المستقر، يعاني السوريون من صعوبات اقتصادية متزايدة نتيجة العقوبات الدولية وتدهور القدرة الشرائية. تظل سوريا عالقة في دائرة أزمات مستمرة، حيث تتشابك المصالح الداخلية والخارجية، وتستمر الانقسامات في تعقيد المشهد. في ظل غياب رؤية واضحة، يبقى المستقبل مفتوحًا على احتمالات متعددة، وتزداد الحاجة إلى حلول متوازنة تحافظ على استقرار المجتمع السوري وتماسكه.

لإدراك مخاطر الحلول الخارجية المفروضة، يمكن النظر إلى تجربة البوسنة والهرسك، حيث أنهى تدخل الدول ذات المصالح النزاع الطائفي بفرض اتفاقية دايتون عام 1995. ورغم إنهاء الحرب، لم تتوحد الدولة، وظهرت رئاسة جماعية ثلاثية بالتناوب وكيانان منفصلان بصلاحيات واسعة تمنع حكومة مركزية فعالة، بالإضافة إلى وصاية دولية تتحكم بالقرار. بعد ثلاثين عامًا، بقيت البوسنة دولة ضعيفة ومنقسمة ومرهونة للتوازنات الخارجية.

اليوم، يخشى السوريون من فرض تسوية مماثلة تقسم البلاد وتوزع السلطة بين ممثلين طائفيين، وفق خريطة ترسم في عواصم الدول ذات المصالح لا في دمشق. الدرس واضح: أي دايتون سوري يعني تفتيت سوريا ووضعها تحت الوصاية، والنجاة ممكنة فقط بإرادة السوريين ووحدتهم الوطنية.

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: