الخميس, 18 سبتمبر 2025 08:54 PM

تدهور الزراعة السورية: صدمات اقتصادية ومناخية تهدد مستقبل الإنتاج

تدهور الزراعة السورية: صدمات اقتصادية ومناخية تهدد مستقبل الإنتاج

تتسبب الصدمات الاقتصادية والمناخية المتكررة في تأثيرات بالغة على سبل العيش الزراعية، مما يؤثر سلبًا على الدخل الفردي ويهدد بشكل كبير توقعات نمو الاقتصاد الزراعي السوري. تشير المؤشرات إلى استمرار هذا التراجع على المدى المنظور، حيث يفضل العديد من العاملين في القطاع الزراعي الهجرة إلى قطاعات أخرى أكثر استقرارًا وربحية، الأمر الذي ينذر بتداعيات مستقبلية خطيرة، أبرزها انهيار سلسلة الإنتاج الزراعي التي تحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة بنائها.

إن اعتبار الملف الزراعي بمثابة العمود الفقري للاقتصاد الوطني ليس مطلبًا جديدًا، خاصةً بعد الاستنزاف الكبير الذي شهده القطاع الزراعي خلال حقبة النظام السابق. التغيير الحقيقي في ظل الحكومة الحالية هو ما ننتظره، والذي من خلاله يمكن تجاوز التحديات المختلفة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو جزءًا منها.

مسلم: تغيّر أنماط الأمطار يزيد من تعقيد التخطيط الزراعي ويؤثر سلباً على إنتاجية المحاصيل

ترى الدكتورة رنيم مسلم، الباحثة في الشأن الزراعي، أن أبرز التحديات التي تواجه الزراعة محليًا هي تحديات مترابطة في بعض جوانبها، وعلى رأسها التحديات المناخية والبيئية، كالجفاف وندرة المياه والانخفاض الملحوظ في معدلات هطول الأمطار، مما يؤدي إلى الجفاف وزيادة استنزاف المياه الجوفية عبر الحفر العشوائي للآبار، الأمر الذي يهدد الأمن المائي والري. كما أن التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار يزيدان من تعقيد التخطيط الزراعي، ويؤثران سلبًا على إنتاجية المحاصيل، بالإضافة إلى التصحر وتدهور التربة الذي يؤدي إلى فقدان الأراضي الخصبة. وتساهم الممارسات الزراعية غير المستدامة في تدهور خصوبة التربة وفقدانها.

يواجه المزارعون تحديات اقتصادية تتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج، بما في ذلك ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات والمحروقات، مما يجعل الاستمرار في الزراعة أمرًا صعبًا. فضلاً عن ذلك، تؤثر صعوبة التسويق وتراجع القدرة الشرائية للسكان وانخفاض الطلب على تسويق المنتجات الزراعية.

مسلم: تدمير البنية التحتية في مناطق النزاع يمنع القطاع الزراعي من استعادة عافيته

تشرح مسلم لـ "الحرية" التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه الزراعة والمزارعين، بما في ذلك تدمير البنية التحتية في مناطق النزاع، مما يعوق استعادة القطاع الزراعي لعافيته. كما أدى الزحف العمراني الكبير إلى خروج الكثير من المساحات الزراعية عن الزراعة وتحولها إلى أماكن تجارية وأسواق وأبنية سكنية. وساهم نزوح المزارعين وهجرة العمالة الماهرة من القطاع الزراعي في انخفاض الإنتاجية وتدهورها، إضافة إلى النزاعات والتعددية السياسية حيث تؤدي سيطرة قوى متعددة على الأراضي والموارد المائية إلى سوء توزيع هذه الموارد، وعدم الاستفادة منها بشكل أمثل.

اقترحت مسلم مناقشة الزحف العمراني الكبير، الذي تسبب في تراجع مساحة الأراضي الزراعية وتحولها لأبنية سكنية ومشروعات تجارية، من خلال وضع قوانين وتدابير لضبط الأمور، وتشجيع المزارعين على استثمار الأراضي الزراعية المتاحة لديهم حتى لو كانت حيازات صغيرة، من خلال توفير قروض بلا فوائد، وتقديم مستلزمات إنتاج بأسعار رمزية، وتشجيعهم على الاستثمار في مجال المشروعات الزراعية متناهية الصغر في الأرياف، من خلال توفير التمويل اللازم، وإلغاء الإجراءات البيروقراطية المعتادة للحصول على التراخيص فيما يتعلق بالأمور الزراعية، والتركيز على مشروع إعادة تشجير الغابات التي تعرضت لحرائق كبيرة، ولرعي جائر، وقطع عشوائي، ودعم التوسع العمودي الرأسي في الزراعة أي زيادة الإنتاجية في وحدة المساحة لتعويض النقص الكبير في المساحات الزراعية.

مسلم: تشجيع المزارعين على استثمار الأراضي الزراعية المتاحة لديهم حتى لو كانت حيازات صغيرة

أكدت مسلم ضرورة أن تعتمد وزارة الزراعة خطة ممنهجة في إعادة استصلاح الأراضي غير الصالحة للزراعة من خلال توفير كل ما تحتاجه لدعم خصوبتها وجعلها صالحة للزراعة بأي شكل من أشكالها سواء محاصيل أو أشجار مثمرة، والأهم كما توضح مسلم اختيار المحصول المناسب في الأرض المناسبة لأن أفضل الغراس أو البذور لا تنمو في الأرض غير الصالحة للزراعة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: