أفاد ثلاثة مسؤولين أمنيين عراقيين اليوم الخميس، 18 أيلول، بأن 47 مواطنًا فرنسيًا، تم تسليمهم إلى بغداد من شمال شرقي سوريا قبل حوالي شهر ونصف، سيخضعون للمحاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب.
أوضح المسؤولون، في تصريحات لوكالة "أسوشيتد برس"، أن المعتقلين كانوا محتجزين سابقًا في مراكز اعتقال تديرها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والتي تضم نحو تسعة آلاف متهم بالانتماء إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، قبل تسليمهم إلى السلطات العراقية في عملية لم يتم الإعلان عنها مسبقًا.
حتى ساعة نشر هذا الخبر، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة الفرنسية بشأن هذه القضية.
عمليات تسليم سابقة
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها نقل مواطنين فرنسيين لمحاكمتهم في العراق، ففي عام 2019، تم تسليم 13 متهمًا من سوريا، بالإضافة إلى تسليم آلاف العراقيين لمحاكمتهم في بغداد.
وفقًا للأرقام التي حصلت عليها الوكالة من مسؤولين عراقيين، بلغ عدد السجناء الذين تسلمتهم بغداد من "قسد" 3192 شخصًا، حيث تم إعدام 724 منهم، وحُكم على 1381 بالسجن المؤبد.
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الجدل حول مستقبل مراكز الاعتقال ومخيمي "الهول" و"روج" في شمال شرقي سوريا، واللذين يضمان عشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية".
بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في كانون الأول 2024، أبرمت "قسد" اتفاقًا مع الحكومة السورية في آذار الماضي، يقضي بتسليم إدارة المخيمات والمراكز إلى الحكومة، لكن التنفيذ لا يزال متعثرًا.
دول تستعيد مواطنيها
تواصل واشنطن دعواتها للدول التي لديها رعايا في المخيمات ومراكز الاعتقال لإعادتهم، وفي 16 أيلول، أعلنت فرنسا أنها أعادت ثلاث نساء فرنسيات وعشرة أطفال من المخيمات في شمال شرقي سوريا.
في المقابل، تتمسك سويسرا بموقفها الرافض لإعادة مواطنيها البالغين المشتبه بانتمائهم لتنظيم "الدولة الإسلامية" من الخارج، بمن فيهم المحتجزون في مخيمي "الهول" و"روج" شمال شرقي سوريا، وفقًا لما أكدته وزارة الخارجية السويسرية ردًا على أسئلة الخدمة الإعلامية الإلكترونية لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (سويس إنفو).
أوضحت الوزارة في 12 آب الماضي، أن القرار الحكومي الصادر في آذار 2019 لا يزال ساريًا، والذي ينص على أن سويسرا لا تبادر إلى إعادة هؤلاء الأشخاص أو إصدار جوازات سفر لهم، وتكتفي بتقديم الحماية القنصلية "في حدود الممكن" عند وجود تهديد مباشر على حياة الشخص أو سلامته الجسدية.
وأضافت أنها تواصلت مع المواطنين السويسريين المحتجزين ومع المسؤولين الأكراد، وأجرت زيارة قنصلية إلى مخيم "روج"، حيث تقيم امرأة سويسرية وابنتها، ورفضت الأم عرضًا بإعادة طفلتها فقط.
يتناقض هذا الموقف مع خطوات بعض الدول الأوروبية التي بدأت استعادة مواطنيها من المخيمات وسجون الاحتجاز، مثل البوسنة وكوسوفو ومقدونيا الشمالية التي أعادت مقاتلين مرتبطين بالتنظيم لمحاكمتهم. بينما أصدرت السويد وفرنسا وبلجيكا أحكامًا بحق العائدين بتهم ارتكاب جرائم حرب، وأطلقت دول مثل النرويج والسويد والدنمارك برامج لإزالة التطرف وإعادة الإدماج.
في تصريح سابق لمدير إعلام "وحدات حماية الشعب"، سيامند علي، لصحيفة "الشرق الأوسط" في 16 كانون الثاني الماضي، قال إن عدد المعتقلين في سجون شمال شرقي سوريا يبلغ نحو 12 ألف معتقل قاتلوا في صفوف "التنظيم" وينحدرون من 55 جنسية غربية وعربية، وأغلبهم من السوريين والعراقيين. وأكبر هذه السجون هو سجن "غويران" في الحسكة، الذي يضم نحو خمسة آلاف معتقل، وشهد سابقًا محاولات تمرد مسلحة.