الأحد, 21 سبتمبر 2025 11:40 PM

تفاقم الأزمة الصحية في ريف حلب الجنوبي: مطالب بتفعيل المراكز الصحية وإنقاذ حياة السكان

تفاقم الأزمة الصحية في ريف حلب الجنوبي: مطالب بتفعيل المراكز الصحية وإنقاذ حياة السكان

حلب – محمد ديب: يشتكي أهالي بلدات الريف الجنوبي في حلب من نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية، على الرغم من وجود مبانٍ مخصصة كمراكز صحية في العديد من القرى والبلدات، مثل بلدة العيس. وأكد سكان المنطقة لـ عنب بلدي أن هذه المراكز مغلقة فعليًا، مما يضطر الأهالي للاعتماد على مبادرات فردية محلية أو على أدوية إسعافية يقومون بشرائها بأنفسهم.

وقد انعكس غياب هذه الخدمات بشكل مأساوي مؤخرًا، حيث نقل مركز جنوب حلب الإعلامي خبر وفاة الطفل مهنا أحمد حومد من بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي في 4 أيلول الحالي، نتيجة تعرضه للدغة أفعى وعدم تمكن ذويه من إسعافه في الوقت المناسب بسبب بعد المسافة إلى أقرب مركز طبي مجهز في مدينة حلب. وعلى الرغم من محاولات العائلة لنقل الطفل لتلقي العلاج، إلا أنه فارق الحياة على الطريق، في حادثة تعكس الواقع الصحي الهش في الريف الجنوبي، وتسلط الضوء مجددًا على الحاجة الملحة لتأمين مستشفيات ومراكز طبية مجهزة قادرة على التعامل مع الحالات الطارئة.

لا خطة واضحة لتشغيل المراكز

تتركز شكاوى الأهالي على غياب خطة واضحة لتشغيل هذه المراكز وتوفير التجهيزات الأساسية، مثل الأدوية والإبر المضادة للدغات العقارب، أو وجود سيارات إسعاف قادرة على التدخل السريع. وقال محمد السرحان، أحد سكان بلدة العيس، لـ عنب بلدي، إن المركز الصحي في البلدة يعتمد حاليًا على مبادرات أهلية من الأهالي أنفسهم، الذين يحاولون صيانة المبنى وتحسينه، إلا أن هذه الجهود لا تكفي لتشغيل المركز بشكل فعال. وأضاف محمد أن المركز يحتاج إلى أجهزة ومعدات طبية، وإدارة منظمة، وصرف رواتب للموظفين بعد تجهيزه، ليتمكن من تقديم خدماته بشكل حقيقي. وأشار إلى أن تفعيل المراكز الصحية في فصل الصيف يصبح أمرًا ضروريًا، خاصة مع تزايد وجود الأفاعي والعقارب في المنطقة. وشدد على أن أي حالة طارئة تحتاج إلى مركز صحي متوفر وجاهز للعمل على مدار الساعة لضمان سرعة التدخل وحماية حياة السكان.

وقال محمد العبد الله، أحد سكان بلدة العيس، لـ عنب بلدي، إن غياب مركز صحي مجهز يشكل خطرًا يوميًا على الأهالي، خصوصًا مع زيادة حالات لدغات العقارب والأفاعي في فصل الصيف. وأضاف محمد أن أي حادث طارئ يحتاج إلى تدخل سريع ومركز مجهز بالكامل، موضحًا أن الوصول إلى أقرب مركز صحي في مدينة حلب يستغرق وقتًا قد يكون كافيًا لتفاقم الحالات البسيطة وتحولها إلى حالات مميتة. وأكد أن الأهالي يشعرون بالقلق المستمر نتيجة غياب الخدمات الطبية الفاعلة في المنطقة، مشددًا على أن تشغيل المراكز الصحية بشكل كامل ضرورة حيوية لتقليل المخاطر وحماية حياة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن. وأشار محمد إلى أن معظم الحالات الطبية تجبر الأهالي على التوجه إلى مدينة حلب لتلقي العلاج، وهو ما يفرض عليهم أعباء مالية إضافية، مثل أجور النقل والإقامة أحيانًا، بالإضافة إلى خطر التأخر في إسعاف الحالات الطارئة.

من جهته، ذكر المكتب الصحفي في مديرية الصحة بحلب لـ عنب بلدي، أن المراكز الصحية في الريف الجنوبي تعمل حاليًا وعلى مستوى عالٍ من الخدمة، مشيرًا إلى أن مستشفى "الحاضر" يعد من أكبر المستشفيات في المنطقة. وبخصوص حادثة وفاة الطفل في بلدة الحاضر، قال المكتب إن هذه حالة خاصة، وقد تمت معالجة أصل المشكلة بشكل سريع، من خلال إرسال سيارات إسعاف وتجهيز العلاج اللازم للتعامل مع مثل هذه الحالات. وأضاف المكتب أن المديرية افتتحت مؤخرًا عدة مراكز صحية جديدة، من بينها: "الفردوس"، "البوابية"، "الزربة"، "تل الضمان"، "البطرانة"، "عندان".

مراكز قيد الترميم

أوضح رئيس دائرة برامج الصحة العامة في مديرية صحة حلب، فراس دهيمش، لـ عنب بلدي أن البنية التحتية للمراكز الطبية في الريف الجنوبي كانت متهالكة ومدمرة ومنهوبة، ومع عودة السكان عملت المديرية على تفعيل عدد من المراكز الصحية ضمن المنطقة، إضافة إلى وضع خطط سريعة لتقييم هذه المراكز بالتعاون مع المنظمات، حيث يوجد حاليًا ما لا يقل عن عشرة مراكز صحية قيد الترميم والتجهيز. وأشار دهيمش إلى أن الفاقد في المراكز الصحية يتم تعويضه من خلال الفرق الجوالة والعيادات المتنقلة، التي تزور بشكل دوري القرى المأهولة في الريف الجنوبي، وتقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية للأهالي. ونوه إلى افتتاح مركز توليد طبيعي في منطقة الحاضر يعمل على مدار الساعة، وتم تزويده بالأمصال الخاصة بلدغات الأفاعي والعقارب تلبية للحاجة الملحة في المنطقة. وأضاف أن المديرية بصدد تجهيز مركز إسعاف على مدار الـ 24 ساعة في الحاضر، مع توقع إضافة خدمات جديدة للريف الجنوبي خلال الأيام المقبلة. ولفت دهيمش إلى أن المديرية تستقبل أي متطوعين حاصلين على شهادات تؤهلهم لمزاولة المهن الطبية للعمل ضمن المراكز الصحية، في خطوة لتعزيز الكادر وتوسيع نطاق الخدمات.

وشهد ريف حلب الجنوبي على مدار السنوات الماضية دمارًا واسعًا للبنية التحتية الصحية نتيجة الحرب المستمرة والنزاع المسلح. وتضررت العديد من المراكز الصحية والمستشفيات بشكل كامل أو جزئي، كما تعرض بعضها للنهب والسلب، بينما بقيت مرافق أخرى مهجورة وغير مجهزة. وتحولت هذه المراكز التي كانت تعد خط الدفاع الأول للأهالي إلى أبنية فارغة لا تقدم أي خدمات طبية، ما أجبر السكان على قطع مسافات طويلة إلى المستشفيات في المدينة لتلقي العلاج. وتفاقمت الأزمة بسبب نقص الكوادر الطبية في عموم المحافظة وغياب المعدات الأساسية، ما زاد من المخاطر، خصوصًا في الحالات الطارئة مثل لدغات العقارب والأفاعي أو الأمراض المفاجئة.

مشاركة المقال: