الأربعاء, 24 سبتمبر 2025 05:49 PM

في حماة: قطاف الغار.. مصدر الرزق الوحيد لعائلات تواجه صعوبات اقتصادية وبيئية

في حماة: قطاف الغار.. مصدر الرزق الوحيد لعائلات تواجه صعوبات اقتصادية وبيئية

أفاد مراسل منصة في محافظة حماة بأن عشرات العائلات في ريف المحافظة الغربي، وخاصةً ذات الدخل المحدود، تعتمد بشكل أساسي ووحيد على قطاف نبات الغار كمصدر رزق في ظل غياب فرص عمل بديلة.

مع بداية موسم الصيف، تتحول بساتين وأحراش منطقة الغاب في ريف حماة الغربي إلى ساحة عمل مكثفة، حيث يخوض العشرات من الأهالي صراعاً يومياً مع الوقت والطبيعة لقطف أوراق الغار العطرية. هذا النبات الذي كان مجرد نبات بري، أصبح شريان حياة أساسياً لمئات العائلات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وانهيار فرص العمل التقليدية.

مصدر رزق في ظل الفراغ

في مشهد يتكرر يومياً مع شروق الشمس، يتوجه أرباب الأسر والعاملون نحو المناطق الجبلية الوعرة، حاملين معهم الأمل بما سيجنونه من أوراق الغار. لم يعد هذا المحصول مجرد نبات عطري، بل تحول إلى "ذهب أخضر" يشكل عماد الاقتصاد المعيشي للكثيرين، وخاصةً الأسر ذات الدخل المحدود التي وجدت فيه ملاذاً أخيراً.

وفي هذا السياق، يقول المزارع سلام سلوم من ريف حماة الغربي في حديث لمنصة: "في ظل غياب فرص العمل الأخرى، نعتمد على قطاف الغار كمصدر دخل رئيسي لتأمين احتياجاتنا اليومية الأساسية".

ويضيف سلوم موضحاً طبيعة العمل ومردوده: "لا يوجد عملٌ سوى قطف الغار. نخرجُ من الصباح لنقطفه، ونبقى طوال اليوم، ثم نعود لنبيعه بسعر عشرة آلاف وخمسمئة ليرة للكيلوغرام، وكل يومين نستطيع بيعَ حوالي خمسة عشر كيلوغرامًا". هذا يسلط الضوء على حجم الجهد اليومي مقابل عائد مالي هزيل، ما يجعل العمل "ضرورة فرضها الواقع الصعب"، كما يصفه سلوم.

رحلة وعرة من القطاف إلى التسويق

لا تقتصر معاناة العاملين في هذا القطاع على صعوبة تأمين الدخل فحسب، بل تمتد إلى التحديات العملية والبيئية التي تواجههم. فرحلة الحصول على الغار محفوفة بالمخاطر، بدءاً من صعوبة الوصول إلى مواقع نموه في الجبال، ومروراً بأخطار الطبيعة والتنقل، ووصولاً إلى عملية القطاف ذاتها التي تتطلب جهداً جسدياً كبيراً.

ويشرح المزارع علي وسوف هذه التحديات بالقول: "الغار هو مصدر رزقنا الوحيد حالياً، رغم أنه ممنوع قطافه للحفاظ على البيئة، خاصة وأننا نواجه صعوبات كثيرة في قطافه، حيث نضطر للذهاب لمسافات بعيدة في الجبال، بالإضافة للمخاطر التي نتعرض لها".

كما تلعب العوامل الجوية دوراً حاسماً في جودة المحصول وقيمته التسويقية، حيث يشير وسوف إلى أن "الطقس أحياناً لا يساعد، خاصة عندما يكون الجو رطوبياً مما يطيل فترة جفاف الغار، وهذا يؤثر سلباً على عملية بيعه". هذه العوامل مجتمعة تجعل من دورة الإنتاج رهاناً غير مضمون النتائج.

ويختم علي وسوف بالقول: "هذه الصعوبات تواجه الكثير من العوائل التي تعتمد على هذا المصدر منذ زمن بعيد"، مؤكداً أن هذه المهنة ليست وليدة اليوم بل هي إرث معيشي تحوّل مع الأزمة إلى قيد ثقيل.

خلفية اقتصادية وبيئية معقدة

يُظهر الاعتماد شبه الكلي على هذا القطاع حجم التراجع الذي أصاب القطاعات الاقتصادية الأخرى في المنطقة، من زراعة تقليدية وصناعات متوسطة وصغيرة. كما تثير قضية "منع قطاف الغار" للحفاظ على البيئة إشكالية كبيرة، حيث يضطر السكان لاختراق هذا المنع تحت وطأة الحاجة، مما يضعهم بين مطرقة الفقر وسندان التدهور البيئي، دون وجود بدائل مستدامة تقدمها الجهات المعنية.

مشاركة المقال: