الخميس, 25 سبتمبر 2025 05:03 PM

زيارة الشرع إلى نيويورك واتفاقيات محتملة مع إسرائيل: هل تتنازل سوريا عن الجولان؟

زيارة الشرع إلى نيويورك واتفاقيات محتملة مع إسرائيل: هل تتنازل سوريا عن الجولان؟

أثارت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى نيويورك، وما تطرق إليه بشأن التفاهمات الأمنية مع إسرائيل، جدلاً واسعاً وتكهنات حول طبيعة الاتفاق الذي تسعى إليه دمشق بوساطة أمريكية. تتهم بعض الأطراف الحكومة السورية بالتخلي عن الجولان مقابل الحفاظ على السلطة ووقف إطلاق النار، وتروج مواقع لفكرة أن زيارة الشرع إلى الأمم المتحدة جاءت مقابل تسليم الجولان، على الرغم من تأكيد المبعوث الأمريكي توماس باراك أن اتفاق "خفض التصعيد" سيكون مجرد خطوة أولى في مسار تفاوضي طويل.

وفي تعليقه على ذلك، أوضح الكاتب والمحلل السياسي السوري أحمد مظهر سعدو لـ"حلب اليوم" أن الواقع السوري والإقليمي يشير إلى أن إسرائيل تمارس عربدة في المنطقة دون رادع، بينما سوريا تعاني من آثار ثورة استمرت 14 عاماً من القهر والقتل والتدمير ونهب الثروات والاقتصاد. ويرى سعدو أن الدخول في حل عبر التفاهم مع إسرائيل هو مدخل إجباري في ظل الظروف الراهنة، وذلك بهدف التفرغ لبناء المؤسسات المهدمة وإعادة بناء الوطن.

من جانبه، ذكر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسام نجار أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك وإلقاءه كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة أثارت حفيظة البعض، مما دفعهم إلى ترويج إشاعات بعيدة عن الواقع. وأكد أن الدولة السورية لا يمكن أن تبيع الأرض حتى لو أُعطيت كل الأراضي الأخرى، وأنها ليست كالحكومة التي باعت الجولان لتبقى في السلطة، لأنها ولدت من رحم الثورة وحملت السلاح، ولم تصل إلى الحكم بانقلاب عسكري مثل حافظ الأسد والمخابرات الدولية التي أتت به.

وأضاف نجار أن ما يروّج له البعض حول أن هذه الزيارة كانت لبيع الأرض هو مجرد أوهام، لأنهم فقدوا الأمل بعودة زعيمهم، وحتى ببقائهم في مراكزهم، ويعتقدون أن هذه الحكومة ورئيسها مثل الحكومات السابقة.

هل العودة إلى اتفاق 1974 تتضمن التنازل عن الجولان؟

أشار الشرع في مناسبات عدة إلى أن العودة إلى اتفاق فض الاشتباك الموقع بين إسرائيل وسوريا عام 1974 هي أفضل صيغة لضمان الاستقرار في المنطقة، مستبعداً الحديث عن اتفاق سلام في المرحلة الحالية.

وأكد سعدو أن المفاوضات لن تجري الآن حول الجولان المحتل عام 1967، بل فقط من أجل عودة المنطقة العازلة المحتلة منذ 8 ديسمبر. واستبعد أي تفاوض حول الجولان المحتل، مشيراً إلى أن إسرائيل غير مستعدة للحديث عنه، وأن الظروف السورية لا تسمح بالخوض في معركة لتحريره.

وجدد الرئيس السوري انتقاده لإسرائيل في كلمته بالجمعية العامة، بينما ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الوصول إلى اتفاق يحتاج إلى مزيد من الوقت، مما يدل على أن التفاهم بين الجانبين لا يزال يشوبه بعض الأمور.

وقال نجار إن ما يشاع حول عقد اتفاق أمني مع الدولة السورية يجبرها على التنازل عن الجولان مقابل حفاظها على السلطة هو أمر خاطئ. وأضاف أنه لو تم البحث في الشروط والطلبات الإسرائيلية، سيتبين أنها تتجاوز الجولان، وأن هناك شروطاً من الصعب على أي حكومة تحقيقها. وأوضح أن العودة إلى خط عام 1974 لا تتضمن حصول إسرائيل على الجولان، وأن هذا الاتفاق محدد بأطر معينة، وليس من ضمنها التخلي عن أي جزء من الأرض لإسرائيل. وأشار إلى أن إسرائيل تتعمد القيام بتوغلات لكي تجبر الحكومة على القبول بالأمر الواقع بالقوة، وأن الهاجس الأمني هو الأهم لإسرائيل نظراً لتخوفها من الفكر العقائدي للجيش السوري الجديد.

هل تفكّر الحكومة السورية بالتطبيع مع إسرائيل؟

استبعد الشرع في تصريح له الأسبوع الماضي إمكانية التوصل إلى اتفاق تطبيع في الوقت الحالي، على الرغم من دعوة واشنطن لذلك، مشيراً إلى أنها لا تمارس الضغوط على دمشق وتلعب دور الوساطة فقط.

وفي تعليقه على ذلك، قال سعدو إنه لا يوجد تطبيع ولا اتفاق سلام دائم وشامل، بل اتفاق أمني مؤقت لمنع إسرائيل من تعدياتها على الجغرافيا السورية. وأكد أن اتفاقات أبراهام التي دعا إليها دونالد ترامب غير مطروحة أبداً.

من جهته، لفت نجار إلى أن الرئيس السوري صرح بخصوص الانضمام إلى اتفاق أبراهام، وقال: لدينا ديننا الذي نعتز به، ولا داعي لهذه الأمور ما دام هناك حقوق محفوظة للجميع، وما دام هناك أمن للجوار. ولسنا بحاجة إلى التطبيع.. نضمن لهم ويضمنون لنا حسن الجوار وعدم التعدي، ونعمل نحن على تنمية بلدنا دون الحاجة لأي اتفاقات. وأضاف: ماذا استفاد أهل التطبيع؟ هل ضَمن الفلسطينيون حقوقهم من خلال اتفاق أوسلو؟ أو أمن الأردنيون من خلال اتفاق وادي عربة؟ أم أن سيناء عادت لمصر من خلال اتفاق كامب ديفيد؟ التطبيع يعني السماح بالعمل المشترك والزيارات والسياحة، وهذا فيه خرق للدولة الناشئة. كلا الأمرين لسنا بحاجة لهما، وأعتقد أن الحكومة لن تسير في هذا الأمر حتى إشعار آخر.

وأضاف: ما تطلبه إسرائيل أمني استخباراتي عسكري، فهي تطلب ممرًا جويًا دائمًا، وسيطرة عسكرية لمسافة 15 كم داخل الأراضي السورية، وكذلك سيطرة استخباراتية لمسافة 60 كم، والسيطرة على جبل حرمون. فهل توافق الحكومة على هذه الشروط مقابل السلطة؟ مجنون من يوافق على هذه الشروط.

أما من يروّجون تلك الأنباء فهم ليسوا مخطئين، ولكنهم كاذبون. فهناك اتفاق أمني، وهذا الاتفاق تحاول فيه الدولة السورية بشتى الوسائل أن تعود إلى فك الارتباط أو فك الاشتباك الذي كان عام 1974، لأن إسرائيل تريد الضغط على هذه الحكومة بمختلف النواحي. وهي تستخدم هؤلاء الذين يقولون إن السلطة باعت الأرض للبقاء ومن أجل الزيارة، وهؤلاء لاحقًا سيدركون أنهم يجب أن يكونوا من أبناء هذه الأرض، وألا يكونوا عونًا وأداة للكيان الصهيوني الذي طالما لعب بهم وبأفكارهم وبأحلامهم الوردية التي لا يمكن أن يقبلها أحد، وفقًا لنجار.

مشاركة المقال: