الجمعة, 26 سبتمبر 2025 06:01 AM

الفصام: خبير يكشف أسرار الاضطراب الذي يصيب الملايين وطرق التعايش معه

الفصام: خبير يكشف أسرار الاضطراب الذي يصيب الملايين وطرق التعايش معه

الفصام (Schizophrenia) هو اضطراب دماغي مزمن وشديد يؤثر على حياة ما يقارب 24 مليون شخص حول العالم، أي حوالي شخص واحد من كل 300. ووفقًا لبعض الدراسات، غالبًا ما يُساء فهم هذا الاضطراب، مما يتسبب في انفصال المريض عن الواقع ويؤثر بشكل كبير على طريقة تفكيره وشعوره وسلوكه. ومع ذلك، فإن التشخيص المبكر والخطة العلاجية المتكاملة التي تجمع بين الأدوية والدعم النفسي والاجتماعي تمنح الأمل في السيطرة على الأعراض وتحسين جودة الحياة.

المنصور: الرجال والنساء يتأثرون بالمرض بشكل متساوٍ تقريباً، لكن الفروقات تظهر في توقيت الإصابة

وفي حوار مع الاختصاصية النفسية علياء المنصور لـ "الحرية" حول الأشخاص الأكثر عرضة لهذا الاضطراب، أوضحت أنه لا يمكن تحديد شخص معين كهدف مؤكد للفصام، ولكن هناك عوامل تزيد من احتمالية ظهوره. وأشارت إلى أن الرجال والنساء يتأثرون بالمرض بشكل متساوٍ تقريبًا، ولكن الفروقات تظهر في توقيت الإصابة، حيث يميل المرض للظهور لدى الرجال في مرحلة عمرية مبكرة، غالبًا بين 18 و 25 عامًا، بينما يظهر لدى النساء في سن متأخرة نسبيًا، بين 25 و 35 عامًا.

كما يلعب العامل الوراثي دورًا محوريًا؛ حيث يرتفع خطر الإصابة إلى 10% إذا كان أحد الوالدين أو الإخوة مصابًا، وتقفز هذه النسبة إلى 50% في حالة التوائم المتطابقة. بالإضافة إلى ذلك، تزيد عوامل أخرى من هذا الخطر، مثل التعرض لصدمات نفسية حادة في الطفولة، أو مضاعفات أثناء الحمل والولادة، أو تعاطي المخدرات في سن المراهقة.

وأشارت المنصور إلى أن أعراض الفصام تتنوع وتظهر بشكل مختلف بين المرضى، ولكنها تجتمع في إحداث شرخ بين المريض والواقع. وتنقسم الأعراض بشكل أساسي إلى الهلوسة، وهي تجارب حسية غير حقيقية، وأكثرها شيوعًا سماع أصوات لا يسمعها الآخرون، أو ظهور أوهام مثل معتقدات راسخة وخاطئة لا تتزعزع بالحقائق، كالشعور بالاضطهاد أو امتلاك قدرات خارقة، وأيضًا اضطراب في التفكير والكلام حيث يجد المريض صعوبة بالغة في تنظيم أفكاره، مما يجعل كلامه غير مترابط أو صعب الفهم.

وعن الأعراض السلبية، أضافت المنصور أنها تتمثل في الانسحاب الاجتماعي، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، ومحدودية التعبير عن المشاعر، مما قد يؤثر بشكل كبير على قدرته على التفاعل مع محيطه.

كما أكدت المنصور أن السبب الدقيق للفصام لا يزال غير معروف، ولكن الأبحاث ترجح أنه نتاج تفاعل معقد بين الاستعداد الوراثي وعوامل بيئية. ويعتمد التشخيص على تقييم شامل من قبل طبيب نفسي متخصص لاستبعاد أي أسباب أخرى محتملة للأعراض. أما رحلة العلاج، فهي طويلة وتتطلب التزامًا، وتجمع بين الأدوية المضادة للذهان للسيطرة على الأعراض مثل الهلوسة والأوهام، إضافة إلى العلاج النفسي كالعلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد المريض على فهم أنماط تفكيره وتطوير مهاراته الاجتماعية. وشددت على دور الدعم الاجتماعي والأسري الذي يلعب دورًا حيويًا في مساعدة المريض على الاندماج مجددًا في المجتمع، حيث أن التعامل مع مريض الفصام يتطلب حكمة وصبرًا وفهمًا عميقًا لطبيعة مرضه، فالمريض لا يختلق الأعراض، بل يعاني من خلل حقيقي في كيمياء الدماغ.

ومن الوصايا تشجيع المريض بلطف على الالتزام بالعلاج والمتابعة الدوائية ضرورية لمنع الانتكاسات. وحذرت من اللوم والنقاشات الحادة حول أوهامه، فالجدال لن يغير من قناعاته الراسخة بل قد يزيد من توتره، مع التركيز على مدحه في إنجازاته الصغيرة لتعزيز ثقته بنفسه، وتشجيع المريض على ممارسة أنشطة بسيطة ومحببة له كالرياضة الخفيفة أو الاستماع للموسيقا الهادئة.

يلعب العامل الوراثي دوراً محورياً حيث يرتفع خطر الإصابة إلى 10% إذا كان أحد الوالدين أو الإخوة مصاباً

كما حذرت المنصور من تجاهل حديث المريض عن إيذاء نفسه، وأنه يجب احترام رغبته في الانعزال أحيانًا، مع تشجيعه بلطف على المشاركة دون ضغط. ومن الجدير بالذكر أن العديد من الشخصيات التاريخية والمعاصرة، مثل عالم الرياضيات جون ناش الذي خُلّدت قصته في فيلم "A Beautiful Mind"، قد عاشوا مع هذا الاضطراب، مما يثبت أن التعايش والنجاح ممكنان.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: