الأحد, 28 سبتمبر 2025 08:43 PM

السياحة السورية: تحديات التعافي واستراتيجيات النهوض في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة

السياحة السورية: تحديات التعافي واستراتيجيات النهوض في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة

يعتبر قطاع السياحة في سورية من القطاعات الاستراتيجية الحيوية، حيث كان يمثل المورد الثاني للقطع الأجنبي بعد القطاع النفطي. ومع بداية الحرب والعقوبات الاقتصادية، توقفت العديد من وجهات الطيران الدولي من وإلى سورية، وظهرت عوائق التحويلات المالية والتأمين، إضافة إلى عزوف السياح عن القدوم إلى سورية نتيجة التحذيرات التي وجهتها الدول لمواطنيها، وخروج الكثير من المناطق السياحية عن الخارطة السياحية السورية نتيجة ظروف الحرب.

لكن ثمة أسئلة تدور اليوم في أذهان الجميع تتعلق بكيفية عودة القطاع السياحي بمكوناته المختلفة إلى ميدان العمل، وتحقيق نتائج أفضل تكون مساهمة إلى حد بعيد بالناتج الإجمالي المحلي، واتساع دائرته الاقتصادية والاجتماعية، لاستقطاب أعداد كبيرة من قوة العمل القادمة إلى السوق سنوياً.

خبير اقتصادي: نحتاج إستراتيجية سياحية شاملة تستقطب رؤوس الأموال

الخبير الاقتصادي المهندس جمال شعيب قال خلال حديثه لصحيفة ” الحرية”: تمتلك سوريا مقومات سياحية كبيرة، إلا أنها تعرضت للتخريب والتدمير خلال السنوات الماضية، لكن الحالة المتنوعة للقطاع السياحي، مازالت تمتلك الكثير من مصادر القوة، لكنها تحتاج لاهتمام حكومي خاص، من خلال اتخاذ جملة من المحفزات الداعمة، لإعادة تأهيل الأضرار التي لحقت بهذا القطاع، إلى جانب إعادة تأهيل العديد من المواقع والبنى التحتية، والخدمات للمرافق السياحية الهامة، وإطلاق مشاريع سياحة ضخمة، تبدأ أولى خطواتها من بوابة السياحة الشعبية، والتي تستهدف أصحاب ذوي الدخل المحدود باعتبارها حقاً من حقوق المواطنين، التي يجب تأمينها بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية التي فرضتها الحرب وما نتج عنها من أزمات.

والأهم تبني استراتيجية سياحية شاملة بما فيها السياحة الدينية، والاستفادة من تجارب الدول الصديقة في مجال العمل السياحي، واستقطاب رؤوس الأموال للمساعدة في إقلاع المشاريع السياحية المتعثرة والمتضررة، وتفعيل وتطوير منتج السياحة الدينية شعبية وبما يلبي احتياجات السواح، دون تجاهل مكون مهم في الاستثمار السياجي، والمتعلق في السياحة الشاطئية، وتحسين مقوماتها بوصفها سوقاً واعدة للعديد من الزوار وخاصة من الدول العربية المجاورة، وإقامة فعاليات ومهرجانات في أهم المواقع السياحية لتفعيل السياحة الداخلية، وتنفيذ مشاريع تناسب الشرائح الأساسية من المواطنين، كمشاريع الشواطئ المفتوحة والمنتزهات الشعبية.

إضافة إلى المساهمة في استصدار بعض التشريعات اللازمة لتطوير الاستثمار السياحي، واتخاذ إجراءات تسمح بتقديم خدمات عصرية تراعي معايير الجودة بحيث تصبح السياحة متاحة لجميع المواطنين على اختلاف قدراتهم المعيشية. ويرى ” شعيب” ضرورة توجيه الاهتمام الحكومي اليوم نحو الاستثمار السياحي باعتباره القطاع الاقتصادي الواعد لزيادة موارد الخزينة العامة، من العملات الأجنبية وغيرها، وذلك من خلال تبني خطة تكتسب صفة الطموح، للنهوض بالقطاع السياحي، تسعى على المدى الاستراتيجي لاستعادة دور القطاع السياحي كمحرك اقتصادي، وتوفير بيئة تنظيمية وتشريعية تعالج منعكسات الحرب وأزماتها على القطاع، وتضمن تنمية سياحية مستدامة، وترسيخ الصورة الحضارية اللائقة بسوريا، وإعادة استقطاب الأسواق الرئيسية السياحية عبر تنفيذ معارض سياحية خارجية في الأسواق المصدرة للسياح، وتحقيق معدلات نمو مستدام من خلال الجذب التدريجي لرؤوس الأموال في مواقع الاستثمار السياحي، والسعي لإحداث التوازن في جغرافية التنمية السياحية، وذلك بالاستفادة من المزايا النسبية، والتنافسية للمحافظات والمناطق السورية، ورفع سوية الخدمات السياحية من خلال مواكبة معايير الجودة العالمية بأسعار منافسة، وباستخدام أحدث الوسائل الرقابية والوقائية، إضافة إلى إنجاز خارطة التعليم السياحي، التي تؤمن العدد اللازم من الأطرالبشرية، المدربة في مجالات الصناعة السياحية وتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع وجهاته الادارية، وخاصة تلك التي تعنى بوضع السياسات، والخطط والدراسات الترويجية والاستثمارية والمؤشرات السياحية.

وبالتالي الحديث عن أي تطوير للقطاع السياحي في رأي” شعيب” لا يمكن بأي شكل من الأشكال فصله عن توفير متطلبات التنمية وتحسين الواقع الخدمي لتجهيز البيئة اللازمة لاحتضان المشاريع السياحية، وخاصة البنية التحتية الداعمة للقطاع السياحي، والتي تعرضت للتخريب كالطرق والجسور، واستكمال تطوير المطارات، ومحطات الطاقة وشبكات الاتصال وشبكات المياه، إضافة إلى أن تطوير القطاع السياحي ليس مسؤولية الحكومة وحدها، بل لابد من تفعيل دور غرف السياحة وتطوير أدائها نظراً لكون القطاع الخاص شريكا أساسياً في تطوير عمل القطاع السياحي، وتشجيع التعاون الدولي، مع الهيئات والمنظمات الدولية الصديقة، بهدف الاستفادة من خبرات وأنشطة تلك الجهات لصالح تطوير العملية التعليمية، والتدريبية واستقدام الخبرات الصديقة.. وهنا يبقى الرهان على تسريع تعافي القطاع السياحي، من خلال جدية الحكومة والجهات المسؤولة من القطاعين العام والخاص في تطويره، باعتباره أميناً على الإرث الثقافي والحضاري، اللذين يعكسان عراقة الحضارة السورية وتجذرها عبر التاريخ، فضلاً عن دوره الكبير لجهة تنشيط التنمية المحلية، وتحقيق مستويات كبيرة في أعمال التنمية المستدامة التي تستهدفها كل الجهود الحكومية وفي كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى.

وضمن الإطار ذاته لابد أن تحمل الرؤية الرسمية جوانب مهمة تتحدث فيها عن استعداد وزارة السياحة لإعادة إحياء هذا القطاع وفق رؤية تتناسب مع طبيعة المرحلة الجديدة، والتي تشمل أولى خطواتها، إعمار ما خربته سنوات الحرب، حيث أكد مدير الاعلام والعلاقات العامة بوزارة السياحة عبدالله حلاق خلال حديثه لـ”الحرية” أن هناك مساحة واسعة من الفرص الاستثمارية، في القطاع السياحي، تعمل الوزارة من خلال كادرها الاداري والتنفيذي والفني، على توفير بيئة مناسبة، ومشجعة لاستقطاب الاستثمارات السياحية الجديدة، إلى جانب تنفيذ رؤيتها لمعالجة المنشآت والمواقع السياحية التي تعرضت للتخريب والتدمير خلال العهد البائد، وتطوير مساراتها لتشكل عوامل أساسية لتحقيق سياحة متطورة، وعائدات اقتصادية كبيرة، تساهم إلى حد بعيد في تحقيق التنمية المستدامة، ليس على مستوى القطاع السياحي، بل في كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى.

كما نوه “الحلاق” خلال حديثه بالأهمية الاقتصادية للمكون السياحي، الذي يعتبر من أهم المصادر الداعمة للخزينة العامة، وتوفير العملات الأجنبية اللازمة لتمويل القطاعات الأخرى التي تشارك في أعمال التنمية، وتأمين القوة للاقتصاد الوطني في ظل ظروف صعبة، يحتاج فيها لمصادر تمويل جديدة، وقطاع السياحة هو المورد الرئيسي لها. أما فيما يتعلق بخطة الوزارة فقد أكد” حلاق” على جاهزية فرق العمل لتبسيط الإجراءات، وتوفير بيئة خصبة للاستثمار السياحي، وإيجاد مسارات سياحية جديدة وإقامة العديد من المنشات والمنتجعات المائية وغيرها من المشاريع الاستثمارية التي تعمل على تنفيذها بالتعاون مع مستثمرين محليين، وعرب وأجانب، وفق صيغ قانونية وإجرائية تضمن حقوق الجميع، في مقدمتها تنمية سياحية شاملة، وتحقيق عوائد اقتصادية ومادية يستفاد منها، لاسيما ما يتعلق بدعم الخزينة، وتحسين مستوى الدخل للعاملين في القطاع السياحي، وخاصة أن القطاع السياحي اليوم يشكل فرصة ذهبية لإعادة احياء البنية السياحية في سورية بتشاركية واضحة مع القطاع الخاص الشريك الأكبر في هذه الاستثمارات.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: