الأحد, 12 أكتوبر 2025 01:43 AM

بحيرة طبريا: هل يرتبط انحسارها بـ"زمن الخلاص" و"الغضب الإلهي" في المعتقدات اليهودية؟

بحيرة طبريا: هل يرتبط انحسارها بـ"زمن الخلاص" و"الغضب الإلهي" في المعتقدات اليهودية؟

تواجه بحيرة طبريا، الواقعة في منطقة الجليل شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، خطرًا متزايدًا يهدد نقاء مياهها وربما وجودها بالكامل. يعود ذلك إلى التغيرات المناخية وتذبذب معدلات الأمطار السنوية، بالإضافة إلى عوامل أخرى. هذه التطورات أثارت تساؤلات حول ارتباطها بمعتقدات دينية يهودية تتعلق بمستقبل "إسرائيل"، ازدهارًا أو زوالًا.

في الأوساط اليهودية، يُنظر إلى امتلاء بحيرة طبريا كإشارة لقرب ظهور "الماشيح"، وعلامة على "اقتراب زمن الخلاص". في المقابل، يُعتبر جفاف البحيرة أو اقترابها من "الخط الأسود" بمثابة إشارة إلى "غضب الرب أو اقتراب نهاية الزمان".

تجدر الإشارة إلى أن "الماشيح"، وفقًا للمعتقد اليهودي، هو "ملك من نسل داود سيأتي في آخر الزمان ليعيد اليهود إلى أرض إسرائيل، ويقيم السلام العالمي، ويبني الهيكل الثالث في القدس، ويحقق العدل الإلهي".

بحيرة طبريا، التي تُعرف أيضًا باسم طبرية، وتُسمى إسرائيليًا "كنيرت أو بحر الجليل"، هي بحيرة عذبة تقع بين منطقة الجليل في شمال فلسطين وهضبة الجولان، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن. يبلغ طول سواحلها 53 كم وطولها 21 كم وعرضها 13 كم، وتبلغ مساحتها 166 كم2. يصل أقصى عمق فيها إلى 46 مترًا، وتنحدر من قمة جبل الشيخ الثلجية البيضاء، ويربط العلماء البحيرة والمنخفض حولها على أنهما جزء من الشق السوري الأفريقي.

تُستخدم مصطلحات مختلفة لوصف مستوى المياه في البحيرة، من خلال تسميات لخطوط ملونة تعكس ارتفاعها ووفرة مياهها، أو انخفاضها وتعرضها لخطر الجفاف:

  • الخط الأحمر العلوي: يقع على مستوى 208.90 مترًا تحت مستوى البحر، وهو الحد الأعلى ويمثل الامتلاء التام.
  • الخط الأحمر السفلي: يقع على مستوى 213.00 مترًا تحت مستوى البحر، وهو مستوى حرج جدًا.
  • مستوى الامتلاء الكامل: يبلغ 208.80 مترًا تحت مستوى البحر، وعنده يبدأ فتح مسارات التصريف من البحيرة.
  • الخط الأسود: يبلغ 214.87 تحت مستوى البحر، وهو يمثل الخطر الجسيم أو حتى الموت البيئي وعدم صلاحية المياه للشرب وانعدام الحياة البحرية.

شهد منسوب المياه في طبريا تغيرات حادة على مر العقود الماضية. ففي عام 1969، فاضت مياه البحيرة وسُجل أعلى منسوب بمقدار 208.30 مترًا تحت مستوى البحر، أي 60 سم فوق الخط الأحمر العلوي المعمول به آنذاك. ورغم استمرار تدفق المياه حينها إلى "المجرى المائي الوطني" مع فتح سد "دغانيا" الإسرائيلي بشكل كامل للسماح بمرور المياه إلى نهر الأردن، إلا أن بحيرة طبريا فاضت وعمرت المناطق المنخفضة.

في كانون الأول/ ديسمبر 2001، سُجل أدنى مستوى في نهاية سلسلة من سنوات الجفاف، حيث بلغ مستوى المياه 214.87 مترًا تحت مستوى البحر، وحُدِّد هذا المستوى كخط أسود يُحظر النزول تحته. وفي عام 2004، اقترب مستوى المياه من أقصى ارتفاع له، وكانت بحيرة طبريا حينها على بُعد 37 سنتيمترًا فقط من الامتلاء. بمعنى آخر، في غضون عامين تقريبًا، قفز مستوى المياه بأكثر من 5.5 أمتار، بحسب ما ذكر تقرير لموقع "واينت" الإسرائيلي.

الدلالة الدينية

قال الحاخام دوف كوك بن شوشانا، المعروف بتفسيراته الرمزية، إن امتلاء بحيرة طبريا حتى ضفافها سيكون علامة مؤكدة على ظهور "الماشيح"، مشيرًا إلى أن ارتفاع منسوب المياه هذا الشتاء (التصريحات عام 2020) بسنتيمتر إضافي نتيجة الأمطار الغزيرة يعزز هذا الاعتقاد. واعتبر بن شوشانا في تصريحات نقلها موقع "إسرائيل نيوز" أن اكتمال مستوى البحيرة يعبر عن "بلوغ حالة روحية مرتبطة بالخلاص".

وأوضح الحاخام أن "خبرًا صحفيًا لفت انتباهه حين أفاد مسؤولو سلطة المياه بأن مستوى بحيرة طبريا ارتفع سنتيمترًا إضافيًا نتيجة للأمطار الغزيرة التي هطلت في شمال البلاد. وبيّن أن مستوى البحيرة الكامل يُقارب وفقًا لحساباته 209 زائد 11 ناقص 198، وهو ما وصفه بتعبير "ضحك". وأشار إلى أن "الخلاص معروف بأنه مرتبط بحرف “ץ” (الصاد العبرية في نهاية الكلمة)، وأنه عند تحقق الخلاص سيعم الفرح والضحك"، مضيفًا أنه عند إضافة حرف الياء إلى كلمة “צחק” (ضحك) تنتج كلمة “יצחק” (إسحاق)، وهذا يرمز في عمق 208 أمتار، وهو المستوى الذي ينبغي للبحيرة بلوغه".

واعتبر أن "ما ينقص لتحقيق ذلك هو 91 ملم فقط، وأكد أن الرقم 91 يعادل كلمة “آمين”، التي قال إنها تعبر عن اتحاد كلمتين مرتبطتين بالبحيرة وفقا لحساباته. وأشار إلى أن "بحيرة طبريا قد امتلأت هذا الشتاء (2020) بالأمطار وتجاوزت عمق 220 مترًا، أي أنها تبقى دون مستوى الامتلاء الكامل بنحو 22 سنتيمترًا. وأوضح أن العدد 220 يساوي قيمة كلمة “تاج”، وفي نفس الفترة ظهر فيروس “التاج” (كورونا الذي يبدو تحت المجهر الإلكتروني كهالة أو تاج).

وفسر الحاخام ذلك بأنه "عند صعود بحيرة طبريا من عمق “التاج” سيأتي ظهور ملك المسيح ليكشف للعالم ملكوت الله في السماوات والأرض وليؤكد أنه لا إله سواه"، قائلًا إن كلمة كنيرت (التسمية الإسرائيلية لطبريا) تتكون من “تاج ونون” وتساوي في الحساب العددي “تاج الخلاص”. وأكد أن "مستوى بحيرة طبريا يمثل معيار الخلاص لشعب إسرائيل وللعالم بأسره".

وورد في "التلمود البابلي" نص يربط خراب منطقة الجليل (التي تشمل بحيرة طبريا) بقدوم "ابن داود" (الماشيح بحسب المعتقد اليهودي)، وذلك بعبارات "الجليل يُخرب والجولان يُهجّر عندما يأتي الملك الماشيح".

وفي مقال للحاخام شموئيل إلياهو حمل عنوان "جفاف طبريا: رسالة إلهية للتوبة"، ونشر في موقع "مكور ريشون" في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، جرى وصف انحسار مياه بحيرة طبريا إلى مستويات تاريخية مقلقة. واعتبر الحاخام أن كشف الصخور في قاعها (بحيرة طبريا) "ليس مجرد أزمة مياه، بل إشارة من السماء"، مؤكدًا أن هذا الجفاف "يُشكل تحذيرًا روحيًا للمجتمع الإسرائيلي"، مستندًا إلى "سفر عاموس" حيث يُربط "نقص المطر بالابتعاد عن طريق الرب".

وأبرز المقال مكانة البحيرة في المعتقد اليهودي، مشيرًا إلى تسميتها بـ"بحر الجليل المقدس" بسبب نقاء مياهها الصالحة لـ"طقوس التطهير"، مشددًا على أن جفاف "قلب الأرض يمثل خطرًا يتجاوز الجانب البيئي".

في الإسلام

وفي الدين والعقيدة الإسلامية يتم ربط جفاف بحيرة طبريا بالعلامات الكبرى على نهاية الزمان بعد عصر المسيح (عيسى عليه السلام)، حيث يمر يأجوج ومأجوج على مياه البحيرة ويشربونها حتى تنقضي، بعدها "يقولون: لقد كان بها ماء"، وذلك وفقًا لأحاديث صحيحة وردت في صحيح مسلم.

وجاء في جزء من نص الحديث الوارد في صحيح مسلم، في كتاب الفتن وأشراط الساعة تحت باب "قصة الجساسة" عن فاطمة بنت قيس، وفيه قالت: "أخبروني عن بحيرة طبريا. قلنا: عن أي شيء تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب".

وبحسب العقيدة الإسلامية، يُعد جفاف بحيرة طبريا من العلامات الكبرى في نهاية الزمان بعد عصر عودة المسيح (عيسى عليه السلام)، حيث يمر يأجوج ومأجوج على مياه البحيرة ويشربونها حتى تنقضي.

عربي 21

مشاركة المقال: