التقيت في سوريا خلال الأسابيع الماضية بعشرات الصحفيين، أغلبهم من الجيل الشاب. خلال السنوات العشر الماضية، كان لي احتكاك شبه يومي بالصحفيين الشباب، بعضهم خريجو كليات الصحافة والإعلام، وآخرون من تخصصات علمية أخرى.
الصحفيون الشباب مصدر إلهام، وينقلون حماستهم إلى غرف الأخبار، حتى وهم يتلقون الخبرة. الإعلام من أكثر المهن تطورًا، ومن لا يواكب هذا التغيير، سيفقد فرصته. رحلة الأسابيع الأخيرة، والسنوات التي سبقتها، قادتني لتقديم بعض النصائح لهؤلاء الزملاء:
- اقرأ: هذه النصيحة الأولى، فما حدث بالأمس مهم في كتابة المادة الصحفية، لأن ما يجري اليوم هو امتداد لما حدث بالأمس. مثال: للصحفيين الذين يغطون أخبار ملف التفاوض والاعتداءات الإسرائيلية على سوريا بعد سقوط النظام السابق، يجب أن يكونوا مطّلعين على أسباب القرارات المتعلقة باتفاق فض الاشتباك عام 1974، مثل القرارات 338 و242، والقرار 350 الذي نشأت بموجبه القوة الأممية "الأندوف" (UNDOF). وكذلك معرفة تفاصيل المساحة التي سيطرت عليها إسرائيل في الجولان المحتل، والمساحة التي شكلت المنطقة الفاصلة، والأهمية الاستراتيجية للمنطقة للطرفين السوري والإسرائيلي.
- قم ببناء شبكة معارفك ومصادرك: شبكة المعارف والمصادر هي "زوّادة" الصحفي، ومن خلالها يستطيع الوصول إلى الحقائق، أو توجيه الأسئلة للمعنيين. مثال: لتغطية حرائق الساحل السوري، أنت بحاجة لمصدر رسمي لمعرفة آخر الجهود في إخمادها أو حجم خسائرها، ومتخصصين للمعلومات حول أسبابها العلمية والمناخية، ومصادر محلية لتصف لك ما يحدث وأثره الإنساني على الناس.
- تمتع بالصبر وثابر على التعلم من تجاربك: كل تجربة هي خبرة تتراكم، وتفيد في بناء شخصيتك. الصحفيون الذين أمضوا سنوات في متابعة قضايا مهمة غالبًا ما يصبحون خبراء فيها، أو مدراء في غرف الأخبار، وينقلون الخبرة للأجيال التي تليهم.
- لا تحرق الوقت: الاندفاع نحو النجومية يقلل من فرصة بناء القدرات واكتساب المعارف المهنية. بعض الصحفيين الذين يعتمدون على فريق إعداد في بداية حياتهم المهنية، يفتقدون مهارات البحث والكتابة.
- ضع في اعتبارك ثلاثة أمور هي القانون، والأخلاق، والمعايير: أي خلل فيها قد ينهي مسيرتك المهنية. احرص على الامتثال للقانون، ولا تقم بأي عمل يتنافى مع الأخلاق أو المعايير المهنية.
وجود الشباب داخل المؤسسات الإعلامية مهم للأسباب التالية:
- تجديد الدماء والحيوية ومواكبة الجيل: يطرحون أفكارًا وقضايا جديدة، ويعرفون ما تغير بالمجتمع.
- إتقان التكنولوجيا الحديثة: يتمتعون بقدرات أفضل في التعامل مع الأدوات الرقمية، وصحافة البيانات، والصحافة التفاعلية.
- نقل الخبرات: لضمان وجود كوادر مؤهلة تنقل الخبرة للجيل القادم.
- النشاط والحماسة: يتمتعون بروح الحماسة والمنافسة.
وجود الشباب في غرف الأخبار يحتاج إلى خبرة المخضرمين، العارفين بالمعايير الصحفية، وأخلاقيات المهنة، وأساليب التحقق، وكشف الأخطاء. كما يشكل الصحفيون المخضرمون صمام أمان في المؤسسات، وهم الأكثر قدرة على إدارة الأزمات والتعامل مع الأحداث الكبرى بهدوء وحكمة، ونقل الخبرة، وتدريب وتأهيل الصحفيين الجدد.