السبت, 4 أكتوبر 2025 02:54 AM

تأملات الخريف: محسن سلامة يرسم لوحة الطبيعة المتغيرة

تأملات الخريف: محسن سلامة يرسم لوحة الطبيعة المتغيرة

في لحظة تأمل، أمسك محسن سلامة قلمه ليكتب عن الخريف من خلف نافذة غرفته، حيث تزين النجوم الملونة سماءً أخفت جزءاً من زرقتها. يرى الكاتب أن تسمية "الخريف" قد تكون مشتقة من "الخَرَف"، كناية عن نضوج الثمار واكتمالها.

يذكر أن العرب كانوا يسمون قدوم الخريف "فصل مطر القيظ"، حيث يبدأ المطر بالهطول بينما القيظ لم ينتهِ بعد. ويشير إلى أقوالهم: "أخرف القوم" أي دخلوا في الخريف، و"أخرفت الأرض" أي أصابها مطر الخريف. ويستعرض معاني كلمة "الخريف" في اللغة، مثل الساقية والرطب المجني.

يصف الأصمعي الأرض المخروفة بأنها التي أصابها مطر الخريف، ويذكر أن كلمة "الخرافة" أخذت معنى الحديث المستملح من الكذب. ويربط بين الخروف، وهو ولد الضأن، وبداية مطر الخريف.

يتأمل محسن سلامة من نافذته جمال الطبيعة في شهر الخير، حيث تهطل زخات المطر وترتوي الأرض، وتتزين كروم الزيتون باللون الذهبي الأسمر. يصف كيف تلبس الأرض سربالها القرمزي بألوان صفراء وبيضاء وخضراء وزرقاء، وكيف يمتد قوس قزح فوق البساط الأخضر بعد أشهر طويلة.

يتابع وصفه قائلاً: "اغرورقت مقلة السماء وانهلت بواكير عبرات خجلى على استحياء من الغيث، لكنها كانت فرحة الطبيعة من صيف حار ألهب الوجنات والخدود وضاقت به الصدور، و تشققت الأرض، و يبس العشب والزرع، و جفت الينابيع، و عطش الشجر و البشر".

يرحب بقدوم الخريف، حيث تسرح الغيوم في السماء وتضحك حبات التراب ووريقات الزيتون، وتهب النسائم العليلة الخريفية. تملأ الطيور قبّة السماء بألوان ريشها السحري معلنة هجرتها، ويغيب تغريدها عن التين والعنب والنبع والنهر والحدائق.

يهرب الكثير من روّاد الحدائق، المشتاقين لتغريد الأطفال وضجيجهم ومرحهم، وتحتويهم مقاعد المدرسة. لا يكاد يسمع سوى سعال عجوز هنا وهناك، وخشخشة أوراق يابسة تعرت من شجيرات الحديقة تلعب بها رياح الخريف. تغلق النوافذ أثناء النوم خوفاً من لسعات البرد الناعمة، ويخلع المسنون أمثاله الثياب الصيفية ويرتدون الثياب الغامقة الملونة التي تغطي الجسد المتعب المنهك من ضربات السنين الطويلة الموجعة.

يختتم محسن سلامة خاطرته العفوية بانتظار خواطر القلوب وصفاء الأرواح.

(اخبار سوريا الوطن ٢-صفحة الأستاذ محسن)

مشاركة المقال: