تستعد السلطات الانتقالية في سوريا لتشكيل أول برلمان منذ عقود، مع استبعاد الانتخابات المباشرة وإقصاء ثلاث محافظات خارجة عن سيطرة دمشق. وفي خطوة تاريخية، يخوض السوري الأميركي هنري حمرة، ابن آخر حاخام غادر سوريا في التسعينات، السباق إلى عضوية مجلس الشعب، ليصبح بذلك أول مرشح من الطائفة اليهودية منذ حوالي سبعة عقود.
تسعى الطائفة اليهودية، التي تمتد جذورها في سوريا إلى قرون قبل الميلاد، إلى إعادة إحياء وجودها في البلاد، وذلك منذ وصول السلطة الانتقالية إلى دمشق، والتي أبدت مرونة تجاهها. وقد تقلص عدد أفراد الطائفة تدريجياً على خلفية الصراع العربي الإسرائيلي من آلاف إلى بضعة أشخاص.
في شباط/فبراير الماضي، زار حمرة (47 عاماً)، المقيم في الولايات المتحدة، دمشق برفقة والده، في أول زيارة ليهود سوريين بعد الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي فرض والده الرئيس الراحل حافظ الأسد قيوداً عليهم قبل هجرتهم تباعاً. وشاهد مصورو “فرانس برس” في حارة اليهود بدمشق منشورات لحملة حمرة الانتخابية ملصقة على جدران عدد من الأبنية، تضمنت صورته وخلفه العلم السوري، مع تعليق “مرشح دمشق لعضوية مجلس الشعب السوري”.
أكد المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات، نوار نجمة، لـ”فرانس برس” أن “هنري حمرة مرشح رسمياً للانتخابات، وأعلن برنامجه الانتخابي، شأنه شأن أي مرشح آخر”. ويظهر اسم حمرة على قائمة المرشحين لعضوية مجلس الشعب التي تضم 1578 مرشحاً، 14% منهم نساء.
وبموجب آلية حددها الإعلان الدستوري، يعين الرئيس أحمد الشرع ثلث أعضاء مجلس الشعب المؤلف من 210 مقاعد، بينما تنتخب هيئات مناطقية عينها الشرع ثلثي الأعضاء المتبقين.
عبر حسابه المستحدث على منصة “أكس” تحت تسمية “الحملة الانتخابية لهنري حمرة، مرشح مجلس الشعب”، يتطلع حمرة، الذي ظهر في مقطع فيديو قبل أيام وزار سوريا لمرات عدة خلال العام الحالي بعدما غادرها عام 1992، إلى “سوريا مزدهرة ومتسامحة وعادلة”. ويتعهد في برنامجه الانتخابي بالعمل على ربط اليهود السوريين في الداخل والخارج بوطنهم الأم سوريا، وحماية التراث والهوية الثقافية، والإسهام في إعادة الإعمار.
وبحسب المؤرخ سامي مبيض، تم في العام 1947 انتخاب آخر مرشح يهودي لعضوية مجلس الشعب. ومنذ وصولها إلى دمشق، زارت وفود عدة دمشق، والتقى الشرع وفداً من اليهود السوريين في نيويورك على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ألقى الصراع العربي الإسرائيلي بظلاله على وجود اليهود في دول المنطقة، وكثيراً ما دفعوا ثمن كونهم يهوداً، خصوصاً في محطات بارزة أبرزها حرب 1967. وخلال حكم عائلة الأسد، تمتعوا بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، وجمعتهم علاقات ودية مع جيرانهم السوريين. لكن نظام الأسد الأب قيد حركتهم داخل البلد ومنعهم من السفر حتى العام 1992، لينخفض بعدها عددهم من نحو خمسة آلاف إلى بضعة أفراد، بينهم بخور شمنطوب الذي يتولى رئاسة الطائفة في سوريا وتسيير شؤونها.
وقال شمنطوب لـ”فرانس برس” إن “عودة اليهود السوريين إلى البرلمان أمر إيجابي، خاصة في ظل وجود الحكومة الجديدة”.