بعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع على بداية العام الدراسي الجديد، لا تزال مدارس مدينة عندان والقرى المجاورة في ريف حلب الشمالي تعاني من ظروف تعليمية وخدمية صعبة. لم تكتمل بعد إجراءات تعيين الكوادر التدريسية، ولم يتم تجهيز المدارس بالكامل لاستقبال الطلاب، مما أثر سلبًا على العملية التعليمية وأخر انطلاقها الفعلي.
أوضح عمر ليلى، مدير إحدى مدارس عندان، في تصريح خاص، أن "إحدى المدارس تضم حوالي 400 طالب، بينما لا يوجد فيها سوى مدير المدرسة وأمين السر، مع غياب المعلمين الفعليين". وأشار إلى أن هذا الوضع يتكرر في معظم مدارس المدينة والقرى المحيطة.
وأضاف ليلى أن العديد من المعلمين قدموا طلبات نقل إلى مدارس عندان منذ أشهر، لكن مديرية التربية لم تصدر قرارات التعيين حتى الآن، على الرغم من النقص الكبير في الكوادر. وأشار إلى أن بعض المعلمين المفصولين سابقًا قد وضعوا أنفسهم تحت تصرف المديرية، لكنهم لم يتم تكليفهم أيضًا، مما اضطر الكثيرين إلى العودة إلى مدارس بعيدة أو داخل المخيمات في ظروف معيشية صعبة.
حتى الآن، لا توجد سوى مدرستين جاهزتين لاستقبال الطلاب في عندان، بينما تحتاج بقية المدارس إلى ترميم وصيانة عاجلة. تعاني المدارس أيضًا من نقص حاد في الكتب والمقاعد والوسائل التعليمية، حيث لم تصل الكتب الدراسية حتى الأسبوع الثالث من العام الدراسي.
وصف ليلى الوضع بأنه "كارثي بكل المقاييس"، موضحًا أن بعض الفصول الدراسية تفتقر إلى المقاعد الكافية، ومدارس أخرى تفتقر حتى إلى الأبواب والنوافذ، في حين تتجاهل الجهات المسؤولة النداءات المتكررة من الأهالي والمعلمين.
لم يتم بعد إنشاء المجمع التربوي الخاص بعندان والمناطق المحيطة بها، مما يجعل التنسيق بين المدارس ومديرية التربية أمرًا معقدًا. يضطر المعلمون إلى السفر إلى مدينة حلب لإنجاز معاملات بسيطة، مما يزيد الأعباء المادية والزمنية عليهم.
من جهته، قال سليم، وهو معلم من بلدة كفرحمرة، إن "الأوضاع في مدارسنا لا تختلف كثيرًا عن عندان، فعدد المعلمين قليل جدًا، وبعض المدارس تعتمد على متطوعين غير مؤهلين لسد النقص، وحتى الكتب لم تصل بعد، والطلاب يضطرون إلى نسخ الدروس من هواتف ذويهم".
وأشار الحمود إلى أن غياب التنسيق بين مديريات التربية والمنظمات الداعمة للتعليم جعل العام الدراسي يبدأ بشكل فوضوي، محذرًا من أن استمرار هذا الواقع قد يدفع بعض الطلاب إلى ترك الدراسة.
يطالب المعلمون والأهالي بضرورة تفعيل المجمع التربوي بأسرع وقت ممكن، وتنظيم حركة النقل والتكليف، وتأمين الكتب والمستلزمات الدراسية، بما يضمن انطلاق العملية التعليمية فعليًا بعد مرور أكثر من نصف شهر دون تعليم فعلي.
كما يدعو الأهالي إلى تدخل فوري من الجهات الداعمة والمنظمات التعليمية لإعادة تأهيل المدارس وصيانتها، وتأمين رواتب وحوافز للكوادر التعليمية، للحد من تراجع القطاع التربوي في المنطقة.
وكانت منصة “” قد نشرت في وقت سابق تقريرًا مفصلًا مع انطلاق العام الدراسي الجديد بعنوان: عندان.. عام دراسي جديد بمدرسة وحيدة مكتظة بالطلاب. كشف التقرير حينها أن المدينة لا تملك سوى مدرسة واحدة مؤهلة، تستقبل أكثر من 800 طالب على فوجين صباحي ومسائي، وسط اكتظاظ شديد ونقص حاد في المقاعد والمعلمين.
اليوم، وبعد مرور أسابيع على بدء العام الدراسي، تؤكد المعطيات الجديدة أن الأزمة لم تتغير، بل ازدادت سوءًا، مما يجعل مستقبل التعليم في عندان ومحيطها على المحك، ما لم تتخذ الجهات المعنية خطوات جدية وعاجلة لمعالجة الخلل المتفاقم.