أكد محافظ السويداء، مصطفى البكور، أن تدهور الخدمات في المحافظة لا يعزى إلى تقصير من الدولة، بل إلى مواقف داخلية تبنتها بعض الأطراف، وغياب قنوات التواصل الرسمية مع الحكومة. وأشار إلى استعداد الدولة لتوفير كافة الموارد والخدمات، لكن جهات معينة تعيق ذلك وتصر على التعامل خارج الأطر القانونية.
في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام، أوضح البكور أن الأحداث الأخيرة دفعت السويداء إلى اتخاذ مواقف خاصة، مما أدى إلى إغلاق باب التواصل مع الحكومة والسماح لبعض الدول، مثل إسرائيل وأمريكا، بالتحدث باسمها في المحافل الدولية، الأمر الذي زاد الوضع تعقيداً. وأضاف أن كل من حاول التواصل مع الدولة تعرض للتهديد، مما استدعى التريث والتهدئة حتى بدأت بعض الشخصيات المحلية بالانفتاح على الحوار.
وأشار إلى أن الدولة وفرت كميات كبيرة من القمح والطحين، لكن غياب جهة رسمية لاستلامها في السويداء حال دون توزيعها بشكل منظم. وأكد استعداد الحكومة لتأمين المحروقات بكميات كبيرة، شريطة إجراء الرصد المالي في دمشق، وهو ما ترفضه الجهات المسيطرة على المحافظة، التي تصر على إبقاء الأموال داخل مصرف السويداء الخاضع لسيطرة فصائل مسلحة.
وكشف المحافظ عن استيلاء لجنة غير قانونية وغيرها على مبلغ قدره 20 مليار ليرة سورية ومليون دولار من بنك السويداء، وصُرف دون رقابة أو تقارير رسمية. وأوضح أن مصرف السويداء خاضع لسيطرة فصائل مسلحة، مما يمنع الحكومة من ضخ الأموال أو صرف الرواتب بشكل مباشر، وأن الحكومة اقترحت إرسال الرواتب مع مدير الدائرة ومحاسبها عن طريق الهلال الأحمر لتوزيعها على المديريات، لكن تم رفض ذلك من الدوائر بحجة منع اللجنة غير القانونية والفصائل لهم، متمسكةً بخطاب “نحن محاصرون”.
وأكد محافظ السويداء أن مؤسسات الدولة لا تزال تعمل داخل المحافظة وفق الهيكل الإداري الرسمي، رغم محدودية التواصل الخارجي. وأشار إلى أن الحكومة تؤمن الأدوية والمستلزمات الأساسية للمشافي، وتعمل على حلول مؤقتة لتسيير شؤون المواطنين في القرى الواقعة تحت سيطرة الدولة، وخاصة في الريف الغربي والشمالي والشرقي.
وأوضح البكور أنه تم تفعيل مديريات الأمن في بلدتي الصورة والمزرعة، وإنشاء مكاتب إدارية لتسهيل معاملات المواطنين.
وفيما يخص ملف المحتجزين، كشف المحافظ عن احتجاز 110 أشخاص لدى بعض العشائر، تم نقلهم إلى السجن كإجراء احترازي لتجنب ردود فعل انتقامية، وباشرت لجنة التحقيق النظر في ملفاتهم، مشيراً إلى أن الإفراج عنهم بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى تصعيد جديد.
ولفت البكور إلى أنه تم الاتفاق على إطلاق سراح 30 شخصاً مقابل 110، لكن الفصائل حاولت عرقلة الاتفاق فقررنا من طرفنا الإفراج عن بعض الأشخاص، وعرضنا الحالات على لجنة التحقيق، وبعد أن وافقت، بدأنا بتنفيذ الإفراج التدريجي، وبقي عدد قليل سنفرج عنهم على دفعات.
وأوضح أنه تم نقل عدد من طلاب شهادة البكالوريا إلى مراكز امتحانية في ريف حماة واللاذقية بعد اندلاع الأحداث، وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية وبمرافقة أمنية لضمان سلامتهم، مشيراً إلى تقديم مقترح رسمي للحكومة يقضي بإجراء امتحانات الثانوية في دمشق، لضمان أمن الطلاب وتفادي أي تهديدات، وخاصة بعد اقتحام مديرية التربية وإغلاقها واعتراضات على استخدام شعار الوزارة.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، كشف المحافظ عن الجهد المبذول لتأمين الطريق الحيوي بين دمشق والسويداء عبر شهبا، وهو الطريق الوحيد الآمن لإدخال المساعدات، لافتاً إلى أن وزارتي الداخلية والدفاع نشرتا حواجز أمنية لضمان سلامة القوافل.
واعتبر البكور أن هناك حملات إعلامية تحاول تصوير السويداء وكأنها منبوذة من الشعب السوري، مبيناً أن المحافظة مع شباب وشابات من المحافظات السورية سيطلقون حملة بعنوان السويداء منا وفينا، والتي تهدف إلى إعادة النسيج الوطني السوري وتحسين البنى التحتية، وخاصة في الريف الغربي والشمالي، كما ستوجه تبرعات الحملة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة وغيرها مع المتابعة والشفافية، وتشمل مشاريع بنية تحتية تشمل ترميم آبار مياه و50 مدرسة و35 مسجداً و50 دار عبادة للطائفة الدرزية و15 كنيسة، وتجهيز 20 ألف منزل و40 بلدية، ومراكز ثقافية وشوارع وإنارة وكهرباء، وتجهيز محطة سميع التي تغذي الريف الغربي والشمالي.
واختتم محافظ السويداء حديثه بدعوة الأهالي إلى التهدئة والثقة بالدولة، مؤكداً أن الحكومة تعمل على حل الملفات العالقة بشكل منظم، وأن التصعيد لن يخدم أحداً، بل سيزيد من معاناة المواطنين ويعرقل جهود الاستقرار.