الجمعة, 10 أكتوبر 2025 05:34 PM

أين اختفت 40 تريليون ليرة سورية؟ خبير يكشف لغز الكتلة النقدية المفقودة

أين اختفت 40 تريليون ليرة سورية؟ خبير يكشف لغز الكتلة النقدية المفقودة

شبكة أخبار سوريا والعالم: أثار حجم الكتلة النقدية المتداولة في سوريا جدلاً اقتصاديًا واسعًا، وسط تساؤلات حول قدرة مؤسسة النقد المركزية على استعادة السيطرة على أدواتها في ظل التضخم المتزايد.

وفي تحليل لافت، كشف الخبير الاقتصادي الدكتور أكرم حوراني، نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، عن وجود فاقد كبير في العرض النقدي يتجاوز 40 تريليون ليرة سورية، وهو رقم يثير مخاوف بشأن مصير السيولة، وغياب الرقابة المالية، ومستقبل الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

وشبه حوراني النقد بـ "الدم في جسد الإنسان"، معتبرًا أن إدارة الكتلة النقدية تعبير عن السيادة، ما يجعل قضية الأموال المفقودة في صميم القضية الوطنية.

وأوضح أن الزيادة في العرض النقدي خلال السنوات الماضية ارتبطت بشكل مباشر بعجز الموازنة العامة، ما أدى إلى طباعة نقود بنسبة تقارب 90% من هذا العجز، وهو ما يمثل اعتمادًا كبيرًا على التمويل التضخمي. وأشار إلى أن حجم العرض النقدي الكلي كان يتراوح سابقًا بين 70 و 100 تريليون ليرة سورية.

وأشار إلى مفارقة في تباين الأرقام الفعلية، مبينًا أنه بناءً على معلومات من "زملاء أصحاب اطلاع في الحكومة السابقة"، فإن النقد المودع في المصارف لا يتجاوز 20 تريليون ليرة، بينما يمتلك الجمهور ما بين 20 و 30 تريليون ليرة أخرى مكتنزة خارج القنوات المصرفية.

وأكد أن هذا التباين يثبت وجود فاقد ضخم يتجاوز 40 تريليون ليرة سورية، وهي أموال خارجة عن الدورة الاقتصادية الرسمية.

وتساءل الخبير الاقتصادي عن مصير هذا الفائض النقدي الهائل، مرجحًا أن يكون قد توزع خارج الحدود الوطنية، إما في دول إقليمية كالعراق وقطر والسعودية والإمارات، أو متراكم بحوزة فاعلين إقليميين مثل حزب الله في لبنان.

كما رجح أن جزءًا كبيرًا من هذا الفائض يمثل نتاجًا لـ "الفاسدين من النظام البائد"، في إشارة إلى الأموال المهربة والمكتنزة بطرق غير نظامية، ما يضع المؤسسات المالية في موقف حرج، ويشير إلى فشل في الرقابة على حركة الأموال والكتلة النقدية على مدى العقد الماضي.

وفي محاولة لضبط الأوضاع النقدية، طرح المصرف المركزي خطة لإصدار عملة جديدة تتضمن حذف صفرين من الليرة الوطنية. ويرى حوراني أن هذه الخطوة تهدف إلى تقليص العرض النقدي ظاهريًا ومعالجة التضخم المفرط وتسهيل المعاملات، إلا أنه انتقد آلية تنفيذ القرار وتوقيته.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن قرار المصرف المركزي، الذي أُعلن عنه بأن الإبدال سيبدأ اعتبارًا من 8 كانون الأول، هو من "القرارات المتسرعة"، مؤكدًا أن مثل هذه الخطوات النقدية الاستراتيجية لا تتم إلا بعد "مراجعات عديدة" ودراسات مستفيضة للأثر الاقتصادي والاجتماعي.

وبينما يصر المركزي السوري على أن حذف الصفرين لن يمس القيمة الحقيقية أو الشرائية لليرة بل هو مجرد "إعادة ملاءمة شكلية" تبسط العمليات المحاسبية وتعزز الثقة النفسية بالعملة، إلا أن التحليل الاقتصادي يشير إلى أن الخطوة ستظل شكلية ما لم تُعالج الاختلالات البنيوية في الإنتاج والجهاز المالي.

ورأى أن التحدي الأكبر لدمشق يكمن في كيفية إعادة جذب الـ 40 تريليون ليرة المفقودة إلى الدورة الاقتصادية، وتحقيق نمو إنتاجي يعيد التوازن بين الكتلة النقدية والكتلة السلعية.

ويعاني الاقتصاد السوري من انكماش حاد، حيث تقلص الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% منذ عام 2010 وفق تقرير البنك الدولي الأخير، كما أن قطاع الصادرات تراجع بشكل حاد تحت وطأة النزاع والعقوبات، ما يشير إلى أن الضغوط على العرض النقدي ليست محلية فحسب، بل مرتبطة بضغط خارجي على الاقتصاد ككل، وبتجاذبات في الميزان التجاري.

الحل نت

مشاركة المقال: