الجمعة, 10 أكتوبر 2025 09:19 PM

تحليل معمق لمذكرات فاروق الشرع: رؤى حول حكم بشار الأسد وسوريا ما بين عامي 2000 و 2015

تحليل معمق لمذكرات فاروق الشرع: رؤى حول حكم بشار الأسد وسوريا ما بين عامي 2000 و 2015

بقلم: أ. د. جورج جبور

يرى الكاتب أن كتاب الشرع هو الأفضل فيما يتعلق بالكتابات التي تتناول موضوع: كيف حكم بشار الأسد سورية. ويستذكر اللحظات التي تلت وفاة الرئيس حافظ الأسد، واصفًا إياها بالثقيلة على التاريخ السوري حتى 8 كانون الثاني 2024، مع قضية وراثة الابن للرئاسة.

يرى المؤيدون أن ما حدث كان طبيعيًا للحفاظ على استقرار سورية وتجنب الفوضى، بحجة أن قادة الجيش لن يطيعوا نائب الرئيس إذا تم تعيينه رئيسًا. بينما يرى المعارضون أنه كان من الأفضل أن يتم الأمر بشكل مختلف، معتبرين أن انتقال الرئاسة الفوري إلى الابن كان خطأً.

في 10 حزيران 2000، كان الكاتب في الجزائر مشاركًا في مؤتمر ينظمه "منتدى الفكر العربي". ويتناول الأستاذ الشرع ما جرى في 10 حزيران 2000 والأيام التي تلته في كتابه "الرواية المفقودة"، الجزء الأول من مذكراته، دون الإشارة إلى أي موقف خاص اتخذه بشأن انتقال السلطة، علمًا بأنه كان آنذاك في عامه السادس عشر وزيرًا للخارجية.

الوقفة الأولى: لم نر من الشرع ما يشير إلى أي تذمر مما تم غداة وفاة الرئيس الأب، ولكن يناقض ذلك بنقطة ثانية من ص 214-215، حيث يقتبس: "أدركت، مع الأسف، متأخرًا، وفي خضم الكارثة التي عصفت بسورية منذ عام 2011، أن لديه - أي بشار الأسد - بعض الميول السايكوباتية".

الوقفة الثانية: هنا يكمن "التأخر في الإدراك". فالاعتراف بميول سايكوباتية في شخصية بشار الأسد هو اعتراف يشكر عليه الأستاذ الشرع، ولكن التأخر في إدراك حقيقة رئيس تتعامل معه عن كثب في شؤون عامة يرتب مسؤولية كبرى على المتأخر أمام الوطن وناسه والتاريخ.

الوقفة الثالثة: يتناول الكاتب موضوع مجلس الشعب وأهميته كسلطة تشريعية ورقابية، متسائلًا عن مكانة المجلس في مذكرات وزير الخارجية، وعن لجنة الشؤون العربية والخارجية، إحدى أهم لجان المجلس الدائمة. ويشير إلى فهرس مذكرات الشرع، حيث لا يوجد مدخل للجنة الشؤون الخارجية، ولكن هناك عدة أماكن ورد بها ذكر لمجلس الشعب.

يذكر المؤلف جلسة تعديل الدستور لتعديل الحد الأدنى المشترط لرئيس الجمهورية، متفائلًا بالتغيير الذي زرعه أول خطاب للرئيس الابن أمام المجلس. كما ترد تفاصيل إلقاء الشرع كلمة أمام المجلس بدعوة من رئيس المجلس عن الأصوات العامة في المنطقة والعالم في 30 آذار 2003. ويرى الكاتب أن دعوة الشرع لمخاطبة المجلس تبطن نية اصطياد في الماء العكر، بسبب ضعف الصلة العضوية لوزارة الخارجية مع مجلس الشعب.

كما ورد ذكر المجلس في سياق جلسة مهزلة خصصها مجلس الشعب لانتقاد الأستاذ عبد الحليم خدام، نائب رئيس الجمهورية إثر إعلان انشقاقه. وأخيرًا، يرد ذكر مجلس الشعب مرتين بعد ذلك، مرة كمكان تعلن أمامه المواقف، ومرة أخرى كمكان اختاره بشار الأسد ليعلن فيه أن الأحداث التي تشهدها سورية مؤامرة نسجت في الخارج.

ويتطرق الكاتب إلى لقاء وزير الخارجية بأعضاء لجنة الشؤون الخارجية، وإلى مناقشة "الميثاق العربي لحقوق الإنسان" في اللجنة، متسائلًا عن غياب وزير الخارجية. ويشير إلى توجيه الدكتور وائل الحلقي للوزراء بضرورة مناقشة أمور وزاراتهم أمام لجان المجلس المختصة.

الوقفة الرابعة: تتناول أهم إنجازات الشرع: مؤتمر الحوار الوطني تموز 2011. ويرى الكاتب أن الصفحات من 181 إلى 195 هي الأهم في المذكرات، معتبرًا أنها تجربة المؤلف الأدق في السياسة الداخلية، والتي لم تنجح ولكنه يراها مفيدة. ويذكر انسحاب السفير الوزير الأستاذ عبد الله الخاني رحمه الله من لجنة الحوار، ومقالًا كتبه الكاتب طالب فيه الطرفين بالحوار.

ويعود إلى اللقاء التشاوري الذي نظمه الشرع ولجنة الحوار، حيث دعاه الشرع إلى إلغاء المادة 8 التي تجعل البعث محتكرًا للسلطة باستفتاء، لكن الشرع أجابه بأن هناك مواد كثيرة في الدستور تحتاج إلى تعديل. ويرى الكاتب أن المؤتمر فشل لأن الشرع لم يكن حازمًا.

الوقفة الخامسة: تتضمن شكرًا مضاعفًا للأستاذ فاروق الشرع، الأول لأنه سجل بأسلوبه الناصع مجرى الأحداث، والثاني لأنه كان تعامل الكاتب معه هو الأطول والأوفر حظًا بالرضى. ويشير إلى مشاركته المحدودة في حلف الفضول، وإلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان أشارت إلى الحلف بكلمات مقبولة في بيانها السنوي عام 2007 بفضل جهده وليس بفضل الخارجية السورية. ويختتم بالقول: ما أحوجنا إلى حلف فضول جديد، وتحية إلى صديق قد يذكر ما لا أذكر، وهو أن لقاءنا الأول كان عام 1957، موظفين في البنك العربي بدمشق.

مشاركة المقال: