السبت, 11 أكتوبر 2025 03:41 PM

جائزة نوبل للآداب: كيف أثرت في مسيرة المبدعين بين التألق والانزواء؟

جائزة نوبل للآداب: كيف أثرت في مسيرة المبدعين بين التألق والانزواء؟

شبكة أخبار سوريا والعالم/ غالبًا ما تترك جائزة نوبل للآداب بصمات واضحة على حياة الفائزين بها، فمنهم من ازداد تألقًا وشهرة، ومنهم من آثر الانزواء، بل وصل الأمر ببعضهم إلى الانتحار. يصف الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز جائزة نوبل في الآداب بأنها "حدث يسبب الأرق للكتاب الكبار، وأن نتائجها لا تتعلق بالقيمة الفكرية أو الأدبية، بقدر ما تتعلق بإرادة المحكمين غير القابلة للفهم"، لكنه في الوقت نفسه اعترف بأن الجائزة منحته فرصة التفرغ للكتابة.

منذ تأسيسها عام 1901، مُنحت الجائزة لأكثر من 120 شخصًا، وقد غيرت مسار حياة الكثيرين، فمنهم من بقي في دائرة الضوء، ومنهم من اختار العزلة.

يرى الشاعر المصري أحمد الشهاوي أن "الشهرة لها ثمن"، ويضيف لـ"الشرق الأوسط" أن "جائزة نوبل باعتبارها أكبر جائزة أدبية عالمية لا شك أنها أثّرت إيجابياً على حائزيها، لكنها أثّرت بالسلب أيضاً على البعض وجعلتهم دائماً تحت الأضواء بعيداً عن الإبداع". ويشير إلى أن هناك مبدعين ازداد ألقهم بعد الفوز بالجائزة، مثل الإنجليزي الآيرلندي ويليام بتلر ييتس، والنرويجي جون فوسي الذي فاز بالجائزة عام 2023، والذي صرح بأن الكتابة يمكن أن تنقذ الأرواح.

بالمقابل، يشير الشهاوي إلى ما يسمى بـ"لعنة نوبل"، والتي تصيب الفائز بفقدان الإلهام والتوقف عن الكتابة، ويذكر مثال السويدي هاري مارتنسون، الذي فاز بالجائزة عام 1974 مناصفة مع إيفيند جونسون، وتعرض لانتقادات لاذعة بسبب عضويته في الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة، ما أثر عليه نفسيًا ودفعه للانتحار عام 1978. وقد صرح مارتنسون نفسه بأن الجائزة دمرت كاتباً بداخله.

ومن الأمثلة الأخرى على الانزواء، صامويل بيكيت، الذي أعرب عن قلقه من أن الجائزة قد تعيق عمله بعد فوزه بها عام 1969.

ويلفت الشهاوي إلى أن الكتاب المنطوين غالبًا ما يعانون بسبب الضغوط والتوقعات، ويضيف أن نجيب محفوظ قد قال: "أنا أعمل موظفاً الآن عند جائزة نوبل".

ويؤكد أن "اللعنة تظهر عند رفع سقف التوقعات التي لا يمكن تلبيتها بسهولة، وربما هذه التوقعات وأسباب أخرى دفعت عدداً كبيراً من الذين نالوا نوبل في الآداب للإقدام على الانتحار".

وكانت اللجنة المعنية باختيار الفائز بنوبل للآداب أعلنت اسم الكاتب الهنغاري لازلو كاراسناهوركاي، صاحب روايات مثل "تانغو الخراب" و"كآبة المقاومة".

يصف أستاذ الدراسات العربية بجامعة يورك الكندية، الدكتور وليد الخشاب، تأثير جائزة نوبل بأنه "موضوع شائك"، ويشير إلى أن الكثير ممن حصلوا على الجائزة لم نسمع عنهم بعدها، مثل بوب ديلون الذي حصل عليها عام 2016.

ويتابع الخشاب: "ربما كانت نوبل في بعض الأحيان مصدر نحس للكاتب، أذكر ألبير كامو الذي حصل على نوبل عام 1957 ثم مات بعدها بسنوات قليلة في حادث سيارة عبثي، وربما نقول الشيء نفسه عن نجيب محفوظ الذي حصل على الجائزة عام 1988 وبعدها بسنوات قليلة تعرض لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته".

ويضيف: "من المثير أن هناك من رفضوا الجائزة مثل جان بول سارتر، الذي احتج ورفضها لأنها مُنحت لغريمه ألبير كامو قبله".

تمنح جائزة نوبل للآداب الفائز مكافأة مالية تقدر بنحو 1.1 مليون دولار أميركي، وتفتح أمامه فرصًا للترجمة والانتشار. ومن أشهر الفائزين بها جورج برنارد شو، وأناتول فرانس، وويليام فوكنر، وأكتوفيو باث، وخوسيه ساراماغو، وول سونيكا، وفيسوافا شمبوريسكا.

وترى الشاعرة الجزائرية الباحثة في النقد والتراث، الدكتورة حنين عمر، أن "الشهرة كالنار، مبهرة وتضيء، ولكنها قد تدفئ بعضهم، وقد تحرق آخرين". وتضيف أن الأهم هو السلام النفسي الذي يمنحنا إياه النجاح. وتشير إلى أن ألفرد نوبل أسس الجائزة بدافع نفسي، وأن الحصول عليها قد يتحول إلى كابوس.

وتذكر أن أول من حصل عليها عام 1901، وهو الشاعر الفرنسي الكبير سولي برودوم، استثمر أموالها في إنشاء جائزة أخرى للشعر. وتذكر أيضًا الروائي الأميركي إرنست همنغواي، والكاتب السويدي هاري مارتينسون، والكاتب الياباني ياسوناري كواباتا، الذين انتحروا بعد الفوز بالجائزة.

وترى الشاعرة الجزائرية أنه لا يمكن مساءلة نوبل عن حوادث الانتحار، لأن النجاح والشهرة لهما أثر بالغ في التحولات النفسية.

ويرى الناقد الأدبي المصري، الدكتور رضا عطية إسكندر، أن الجائزة منحت الكثير من الكتاب فرصة للتألق، مثل ماركيز ونجيب محفوظ وأورهان باموق وبيتر هندكه. ويضيف أن الجائزة أدت إلى انزواء البعض الآخر، وأنها أصبحت محل تساؤل واستغراب بسبب الأسماء التي تحصل عليها ولا تقدم جديدًا.

ويختتم بالقول إن أشهر حالات الانتحار كانت للكاتب إرنست همنغواي، وأن العزلة والانتحار أمران شائعان بين الكتاب والفنانين لحساسيتهم المفرطة.

مشاركة المقال: