تستعد الحكومتان اللبنانية والسورية لعقد اجتماعات تنفيذية الأسبوع المقبل لمتابعة قضية السجناء السوريين في لبنان، استجابة لمطالب دمشق بالإفراج عنهم. يأتي هذا الاجتماع في أعقاب زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، والتي وصفت بأنها "زيارة كسر جليد".
فتحت زيارة الشيباني إلى لبنان مساراً جديداً للعلاقات بين البلدين، حيث أكد أن "صفحة جديدة تُفتح مع لبنان" بعد سقوط نظام بشار الأسد. وناقش خلال الزيارة ملفات أمنية وقضائية واقتصادية ودبلوماسية، مؤكداً احترام السلطات السورية لسيادة لبنان ومبدأ عدم التدخل في شؤونه الداخلية، معرباً عن رغبة سوريا في تجاوز عقبات الماضي مع لبنان.
استكملت الزيارة المحادثات الثنائية التي جرت بين لجان مشتركة شُكلت في وقت سابق لمتابعة ملفات أمنية وقضائية، وعقدت 3 اجتماعات في بيروت منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وتناولت تفاصيل متعلقة بالسجناء السوريين في لبنان، والتعاون اللبناني السوري في تقديم معلومات حول متورطين سوريين من النظام السابق في جرائم سياسية وقعت في لبنان خلال العقود الماضية.
أكدت مصادر لبنانية أن زيارة الشيباني والوفد المرافق له كانت بمثابة "زيارة كسر جليد" بين البلدين، حيث تم التطرق إلى الملفات التي تهم البلدين بالعموميات، مع تأجيل الخوض في التفاصيل لوقت لاحق. وأشارت المصادر إلى أن ملف السجناء السوريين في لبنان طُرح خلال الاجتماعات، مع تأكيد الجانب اللبناني على عدم التساهل مع السجناء المتورطين بالدم أو الاعتداء على الجيش اللبناني، وأن لهذه القضايا مسارها القضائي الواضح.
كما جرى التطرق إلى ملف ترسيم الحدود، مع وجود اتفاق مبدئي على معالجته، إلا أن النقاش في هذا الملف لا يزال في بداياته. وأضافت المصادر أن أهم ما في الزيارة أنها بددت الهواجس لدى الطرفين، وأعادت تصحيح العلاقات ووضعت مساراً جديداً لها عبر المؤسسات، مع استكمال البحث في وقت لاحق عبر اللجان المشتركة.
وشكّل الاجتماع في بيروت مناسبة للتداول في عدد من الملفات المشتركة، من بينها ضبط الحدود والمعابر ومنع التهريب، وتسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الصديقة، إضافةً إلى ملف الموقوفين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا. كما تمّ التطرّق إلى إعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية وإلى إمكانات تعزيز التعاون الاقتصادي، حسبما قالت رئاسة الحكومة اللبنانية.
وفي تصريح لـ«الإخبارية السورية»، قال مدير إدارة الشؤون العربية بالخارجية السورية محمد الأحمد: «إننا اتفقنا مع لبنان على إخلاء سبيل موقوفين سوريين غير مدانين بالقتل»، لافتاً إلى أننا «لمسنا استجابة جيدة من الجانب اللبناني ونرجو طي صفحة الماضي». وأعلن الأحمد: «نعمل على وضع الآلية المناسبة لترسيم الحدود مع لبنان». كما أشار إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع «يولي ملف الموقوفين السوريين في لبنان اهتماماً كبيراً». ووصف الأحمد الزيارة إلى لبنان بـ«التاريخية بعد سقوط نظام الأسد»، لافتاً إلى أن «الزيارة كان مخططاً لها في السابق، لكن وقتها حان الآن». وأشار إلى أن الزيارة «سبقتها مجموعة من اللجان السورية واللبنانية لحل الكثير من القضايا العالقة»، في إشارة إلى أكثر من زيارة نفذتها وفود لبنانية إلى سوريا، ووفود سورية إلى لبنان. ورأى أن «أغلب المساجين السوريين في لبنان موجودون في سجن رومية لمناهضتهم للنظام البائد»، ولفت إلى أنه «يتم البحث حالياً بشكل قانوني لتبادل السجناء بين سوريا ولبنان».
وكان الوزير الشيباني جدد التأكيد على سيادة لبنان والحرص على إقامة علاقات متينة قائمة على الاحترام والتعاون. وقال: «نتطلع إلى أن نطوي صفحة الماضي لأننا نريد أن نصنع المستقبل». وقال إن بلاده جاهزة لمناقشة أي ملف عالق سواء كان ملفاً اقتصادياً أو أمنياً.