الأحد, 12 أكتوبر 2025 11:39 PM

أزمة خبز حادة تخنق رأس العين: نقص الطحين وارتفاع الأسعار يفاقمان معاناة السكان

أزمة خبز حادة تخنق رأس العين: نقص الطحين وارتفاع الأسعار يفاقمان معاناة السكان

تشهد مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة أزمة خبز خانقة منذ حوالي عشرة أيام، وذلك بسبب نقص في كميات الخبز المنتجة من قبل الفرن الآلي الوحيد في المدينة، وفقًا لما أفادت به عنب بلدي. وقد ترافق هذا النقص مع استغلال من قبل التجار وأصحاب "بسطات"، الذين رفعوا سعر ربطة الخبز إلى 10,000 ليرة سورية (الربطة تحتوي على عشرة أرغفة بوزن 1100 غرام)، في حين لا تزال تباع في الفرن بسعر حوالي 1000 ليرة سورية (يُذكر أن الدولار يقابل حوالي 11500 ليرة في السوق السوداء).

وتؤرق هذه الأزمة سكان المدينة البالغ عددهم نحو 115 ألف نسمة، حسب إحصائية سابقة حصلت عليها عنب بلدي، حيث يعتمد معظمهم على الزراعة، ولا تتجاوز أجرة العامل فيها 80 إلى 100 ألف ليرة سورية.

أعباء إضافية ترهق السكان

أدى نقص كميات الخبز إلى زيادة معاناة السكان، الذين يعانون أساسًا من ضيق المعيشة، إذ يضطرون للانتظار لساعات طويلة أو شراء الخبز بأسعار مرتفعة، ما يزيد الأعباء اليومية عليهم. عمار الشريع، من مدينة رأس العين، وهو معيل لسبعة أفراد، صرح لعنب بلدي بأنه يعمل في مجال البناء، وأجرته اليومية لا تتعدى 70,000 ليرة في أفضل الأحوال. وأوضح أنه يحتاج يوميًا إلى نحو 30,000 ليرة لشراء الخبز من السوق السوداء لإطعام عائلته، أي ما يعادل نصف أجرته تقريبًا. وأضاف أنه كان يشتري الخبز قبل الأزمة بمبلغ أربع ليرات تركية، أي نحو 1000 ليرة سورية، وهو مبلغ "مقبول". وطالب بضرورة توفير الخبز بالكميات الكافية ومنع بيعه في السوق السوداء لتخفيف المعاناة عن الأسر.

من جانبها، اشتكت عبلة المحمد، أم لأربعة أطفال، من قلة كميات الخبز المخصصة لها من المندوب، إذ لم تتسلم خلال أسبوع سوى ربطتين موزعتين على أربعة أيام، وهي كميات بالكاد تكفي ليوم واحد لعائلتها الكبيرة. وأوضحت أنها اضطرت للاعتماد على نفسها وشراء كيس طحين بوزن خمسة كيلوغرامات بسعر 75,000 ليرة سورية، وهو سعر مرتفع جدًا مقارنة بالسابق، إذ كان سعر كيس الطحين لا يتجاوز 35,000 ليرة قبل أزمة الخبز. وأشارت إلى أنها تحضّر الخبز في المنزل على موقد صغير مصنوع يدويًا، وتقضي ساعات في العجن والخبز لتأمين وجبات أبنائها، معربة عن أملها بأن تنفرج أزمة الخبز قريبًا ويعود توزيعه بانتظام.

الريف يعتمد على نفسه

يعتمد سكان الريف على أنفسهم في تحضير الخبز داخل منازلهم، نتيجة الانقطاع التام وعدم حصولهم على حصصهم المستحقة، ما يزيد معاناتهم اليومية ويجعل تأمين أبسط مقومات حياتهم تحديًا متواصلًا. محمد عمار، مندوب لأربع قرى في ريف رأس العين الغربي، قال لعنب بلدي إنه كان يتلقى يوميًا 730 ربطة خبز لتوزيعها على القرى التي يتولى مسؤوليتها، لكن خلال عشرة أيام لم يتسلم أي ربطة خبز. وأوضح أن الأهالي خلال الأسبوع الأول من الأزمة كانوا يتوافدون عليه بشكل مستمر، لكن بعد الانقطاع التام بدؤوا بالاعتماد على أنفسهم وتحضير الخبز منزليًا. وأضاف أن أغلبية السكان هذا العام، عند حصاد موسم القمح، جهزوا مؤونة من القمح تحسبًا لانقطاع الطحين كما في السنوات السابقة. وأشار إلى أن عجن الطحين وخبزه في المنزل يُعتبر مكلفًا ماديًا مقارنة بخبز الفرن الآلي، الذي يتميز بجودة عالية وأسعار مقبولة.

ما سبب الأزمة؟

يعود انخفاض الكميات التي ينتجها الفرن الآلي الوحيد في رأس العين إلى عملية الجرد التي تجريها "إدارة الكوارث والطوارئ التركية" (AFAD) لكميات الطحين الداخلة إلى المدينة. ويدخل الطحين إلى رأس العين شهريًا بشكل مجاني، وتبلغ الكميات الداخلة 600 طن، لكن الفرن الآلي قلل من كميات إنتاج الخبز حاليًا للحفاظ على احتياطي الطحين الذي يبلغ 40 طنًا. المتحدث باسم المجلس المحلي في مدينة رأس العين، زياد ملكي، قال لعنب بلدي إن السبب الرئيس لنقص الخبز يعود إلى توقف الواردات المعتادة من الطحين من قبل "AFAD". وأوضح أن المجلس المحلي منذ بداية الأزمة عمل على شراء الطحين بكميات تتناسب مع الإمكانيات المتوفرة لديه، وتوفيره للسكان بالسعر السابق البالغ أربع ليرات تركية. وأضاف أن الفرن الآلي لم يتوقف عن العمل تمامًا خلال هذه الفترة، لكن نقص كميات الطحين أدى إلى انخفاض الإنتاجية، وبالتالي إلى نقص في كمية الخبز المتوفر في المدينة والريف. وأشار ملكي إلى أن المجلس المحلي يسعى لشراء كميات أكبر من الطحين لضمان استمرار توفير الخبز للمواطنين، حتى يتمكن الفرن الآلي من العودة إلى إنتاجيته السابقة البالغة 30,000 ربطة يوميًا، والتي تغطي احتياجات المنطقة بأكملها، فور وصول شحنات الطحين من منظمة "AFAD".

تعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقة رأس العين ومناطق الشمال والشمال الشرقي في سوريا، وهي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل في هذه المناطق. تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو الحدود التركية.

مشاركة المقال: