الإثنين, 13 أكتوبر 2025 03:53 PM

الشرع يتعهد بمحاسبة الأسد قانونيًا ويستبعد الصدام مع روسيا

الشرع يتعهد بمحاسبة الأسد قانونيًا ويستبعد الصدام مع روسيا

أكد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أن حكومته ستسعى جاهدة لتقديم بشار الأسد إلى العدالة عبر جميع الوسائل القانونية المتاحة. ومع ذلك، شدد على أن الدخول في صراع مع روسيا في الوقت الحالي سيكون له تبعات باهظة على سوريا، ولن يخدم مصالحها.

ويقيم الرئيس المخلوع حاليًا في موسكو بعد فراره من دمشق في 8 كانون الأول 2024، حيث غادر من قاعدة "حميميم" الروسية في اللاذقية. وتستبعد روسيا تسليم بشار الأسد في الوقت الراهن. ففي 3 نيسان الماضي، صرح السفير الروسي في بغداد، ألبروي كوتراشيف، بأن إقامة الرئيس المخلوع في موسكو مشروطة بعدم ممارسة أي نشاط إعلامي أو سياسي، وأكد أن له حق اللجوء وأن تسليمه غير وارد.

وفي مقابلة بثتها شبكة "CBS" الأمريكية ضمن برنامج "60 دقيقة" يوم الاثنين 13 تشرين الأول، أكد الشرع أن قواته لم تنفذ أي عمليات عسكرية خارج الأراضي السورية، وأنها لم تستهدف سوى النظام خلال سنوات الثورة. ورداً على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن أبناءه الصغار سيشهدون إعادة إعمار سوريا، أجاب الشرع بتفاؤل: "بالتأكيد، الشعب السوري قوي".

ورفض الرئيس السوري اتهامات الأمم المتحدة لقواته بانتهاك القانون الإنساني الدولي خلال أحداث الساحل في آذار الماضي، ووصف التقارير المتعلقة بانتهاكات ضد مدنيين في مدن الساحل السوري بأنها "مبالغ فيها"، مؤكداً التزام بلاده بمحاكمة كل من ارتكب جرائم ضد المدنيين من أي طرف أو فئة.

وكشف الشرع أن إسرائيل قصفت محيط قصره الرئاسي مرتين، موضحاً: "في المرة الأولى لم أكن موجوداً، أما الثانية فكنت داخل القصر قريباً من مكان القصف. كان الهدف إيصال رسالة، لكنها ليست رسالة بل إعلان حرب". وأضاف: "مع ذلك، سوريا لا تريد خوض حروب، ولا تسعى لأن تكون تهديداً لإسرائيل أو لأي طرف آخر". ورداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي برر القصف بحماية الأقلية الدرزية، قال الشرع: "هذه قضية سورية داخلية، ويجب أن تُحل قانونياً عبر السلطات السورية".

وتأتي تصريحات الشرع بعد شهرين على الانتهاكات التي ارتكبتها قوات حكومية تتبع لوزارة الدفاع ووزارة الداخلية وفصائل محلية مناهضة لها في مدينة السويداء، وقام الشرع إثرها بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في أحداث السويداء، كما سمحت الحكومة السورية للجنة دولية مستقلة للتحقيق في هذه الأحداث.

وأكد الشرع أن المفاوضات الأمنية الجارية بين دمشق وتل أبيب تهدف إلى "إلزام إسرائيل بالانسحاب من كل نقطة احتلتها بعد 8 كانون الأول"، مشدداً على أن "سوريا لم تستفز إسرائيل منذ وصولنا إلى دمشق". وتعثر الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل بعد رفض الحكومة السورية الموافقة على إنشاء ممر إنساني من إسرائيل إلى السويداء، مع تمسك الجانب الإسرائيلي بهذا البند، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز" في 26 أيلول الماضي.

وعن شكل الحكومة المقبلة، أوضح الشرع أن "الانتخابات العامة ستُجرى بعد إعادة بناء البنية التحتية، وبعد حصول السكان على بطاقات هوية ووثائق رسمية". وقدّر الشرع كلفة إعادة إعمار سوريا بين 600 و900 مليار دولار، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم سوريا، وقال: "العالم شاهد هذه المأساة تتكشف على مدى 14 عاماً ولم يتمكن من فعل شيء لوقفها، لذلك يجب عليه اليوم أن يمد يد العون. وأي طرف يعرقل رفع العقوبات عن سوريا فهو شريك في الجريمة التي ارتُكبت بحق هذا الشعب".

وعن وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس الشرع بالوسيم، وذي ماضٍ قوي، قال الشرع: "ذلك الماضي هو السبب في تصنيفي إرهابياً من قبل الحكومة الأمريكية، كانت هناك مكافأة بـ10 ملايين دولار على رأسي حتى قبل بضعة أشهر، لكن ذلك كان سيكون تبديداً للمال". وأوضح الشرع أنه كان في "السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمره" عندما ارتكب "أخطاء الماضي"، مشيراً إلى أنه اليوم يمتلك "وعياً مختلفاً تماماً عمّا كان عليه قبل 20 سنة". وحين سُئل الشرع إن كان يؤمن فعلاً بـ"التنظيمات الإرهابية" التي انتمى لها سابقاً قال: "لو كنت متفقاً معهم، لما تركتهم"، مضيفاً أنه لا يتفق تماماً مع وصفه بـ"البراغماتي" لأن للكلمة "دلالات سلبية في اللغة العربية"، ومؤكداً أن ما يهم اليوم هو "إنقاذ الشعب من الاضطهاد الذي فُرض عليه من قبل النظام المجرم".

من الرئيس أحمد الشرع؟

وُلد الرئيس السوري أحمد الشرع في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية عام 1982، حيث كان والده يعمل مهندساً في حقول النفط هناك. أمضى الشرع طفولته الأولى في المملكة حتى بلغ السابعة من عمره، ثم عاد مع عائلته إلى سوريا ليستقر فيها. مع اندلاع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، توجه الشرع إلى بغداد، وهناك التحق بتنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، ليصبح لاحقاً أحد المقربين من زعيم التنظيم أبو مصعب الزرقاوي الذي قُتل في غارة جوية أمريكية عام 2006. اعتُقل الشرع على يد القوات الأمريكية في سجن بوكا جنوبي العراق، وبعد الإفراج عنه عام 2011 انضم إلى تنظيم "دولة العراق الإسلامية" بقيادة أبو بكر البغدادي، الذي كلفه بالعودة إلى سوريا لتأسيس فرع للتنظيم هناك. وأسس الشرع "جبهة النصرة" التي شكلت آنذاك أحد أبرز فروع التنظيم في سوريا. حاربت "جبهة النصرة" قوات النظام السوري في مختلف المحافظات السورية، كما شنت معارك ضد فصائل من الجيش الحر في إدلب لتحكم سيطرتها على كامل المحافظة. وغيرت "النصرة" اسمها إلى "جبهة فتح الشام" ثم إلى "تحرير الشام". وفي 27 تشرين الثاني 2024 بدأت "تحرير الشام" معركة ردع العدوان بقيادة الرئيس السوري أحمد الشرع، واستطاعت القوات المشاركة في المعركة تحرير حلب وحماة وحمص، وكانت آخر المعارك في مدينة حمص بعد إعلان هروب الرئيس المخلوع وإسقاط النظام. وبعد إعلان سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، اجتمعت فصائل المعارضة المسلحة في 29 كانون الثاني الماضي في قصر "الشعب" بدمشق، وأعلن المجتمعون من هناك أن يتولى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، وإلغاء العمل بدستور حلّ مجلس الشعب، وإلغاء العمل بدستور عام 2012. وفي كلمة له عقب الاجتماع، قال الشرع إن "أولويات سوريا هي ملء فراغ السلطة، والحفاظ على السلم، وبناء مؤسسات الدولة، والعمل على بنية اقتصادية". وفي 24 أيلول الماضي ألقى الرئيس السوري كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ80، وصفت بـ"التاريخية" لأنها الأولى لرئيس سوري منذ عام 1967.

مشاركة المقال: