السبت, 18 أكتوبر 2025 05:50 PM

عرقلة ملف الموقوفين السوريين في لبنان: هل الاعتبارات الحزبية تطغى على العدالة؟

عرقلة ملف الموقوفين السوريين في لبنان: هل الاعتبارات الحزبية تطغى على العدالة؟

يواجه ملف المعتقلين السوريين في لبنان تعقيدات جديدة، حيث يتهم وزير العدل اللبناني، عادل نصار، بعرقلة الحلول الممكنة، وذلك لمحاباة "حزب الله" اللبناني، سعيًا للحصول على دعمه في الانتخابات النيابية المقبلة، لصالح حزب "الكتائب" اللبناني الذي ينتمي إليه الوزير. صرحت أربعة مصادر لبنانية، من بينها حقوقيون ومصدر قضائي وآخر حزبي، لـ"عنب بلدي"، بأن هذه الاعتبارات الحزبية تؤثر سلبًا على مسار القضية.

حسابات سياسية تسبق الانتخابات:

أفاد مصدر حقوقي لبناني مطلع، بأن الوزير عادل نصار يتبع نهجًا متشددًا بدراسة كل ملف على حدة، بينما كان وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، يفضل تسليم جميع السجناء السوريين إلى بلادهم. وأشار المصدر إلى أن هذا الخلاف دفع رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، إلى تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الحكومة طارق متري. ويعزو المصدر موقف وزير العدل إلى رغبته في "تبييض صورته" أمام "حزب الله"، بعد مطالبته سوريا بتسليم سجناء من الحزب إلى لبنان، مقابل تسهيل حلحلة ملف المعتقلين السوريين.

وأكد مصدر حقوقي آخر، أن التحضير للانتخابات النيابية اللبنانية يلعب دورًا في هذا الأمر، حيث يعتبر موضوع "الدفاع" عن الجيش اللبناني مادة انتخابية دسمة، خاصة بين الأحزاب المسيحية المتنافسة. ويرى المصدر أن هذا يدفع وزير العدل وحزبه "الكتائب" إلى استغلال هذا الملف، ومعارضة إطلاق سراح المعتقلين السوريين المتهمين بقتال الجيش اللبناني.

وكان الوزير عادل نصار قد صرح لقناة "الحدث" في أيلول الماضي، بأن الرئيس السوري أحمد الشرع استبعد خلال لقائه بالرئيس اللبناني جوزيف عون في الدوحة، بحث مسألة موقوفي "حزب الله" في سوريا، مؤكدًا إمكانية التوصل إلى اتفاقية مع دمشق بشأن المعتقلين في السجون اللبنانية والسورية، وأن الدولة اللبنانية معنية بأي معتقل لبناني في السجون السورية.

رد: موقف وزير العدل من "حزب الله" معروف:

في المقابل، نفى مصدر رفيع المستوى في حزب "الكتائب" اللبناني، ومقرب من الوزير عادل نصار، عرقلة الوزير للملف، مؤكدًا أن الوزير معروف بمواقفه من "حزب الله"، ويتعامل مع الملف بموضوعية وحقوقية، وأن اجتماعه مع وزير العدل السوري كان مثمرًا جدًا. وأضاف أن الحزب لا يتدخل في الشؤون القضائية، وأن موضوع تسليم المسجونين السوريين غير مرتبط بالانتخابات النيابية.

إلا أن المصدرين الحقوقيين اللذين تواصلت معهما "عنب بلدي"، ذكرا أن الحسابات الانتخابية المعقدة تضع "الكتائب" و"حزب الله" في تقاطعات، قد لا تصل إلى تحالفات، لمواجهة حزب "القوات".

لا رؤية نهائية:

في مؤتمر صحفي مشترك بين وزير العدل السوري، مظهر الويس، ووزير العدل اللبناني، عادل نصار، في 14 تشرين الأول الحالي، شدد نصار على وجوب احترام الأطر القانونية وسيادة الدولتين، معربًا عن رغبة في التعاون. وأكد الويس أنهم لم يصلوا بعد إلى الرؤية النهائية، وأن ما حصل في سوريا كبير على المستوى القانوني والدستوري، وأن وجهات النظر قريبة والإرادة والرغبة مشتركتان، وأنهم يشكلون فرقًا ويحاولون التعاون في إطار الحقيقة والعدالة.

وكان الويس على رأس وفد سوري، بحث ملف المعتقلين السوريين في لبنان، بهدف متابعة سبل التعاون لدعم الجهود المشتركة في رفع الظلم عن المعتقلين وتحقيق العدالة، بما يصون كرامتهم وحقوقهم. وجاءت الزيارة بعد أيام قليلة من تصريح مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية والمغتربين، محمد طه الأحمد، عن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية يقضي بتسليم عدد من السجناء السوريين، باستثناء المتورطين بجرائم أودت بحياة مدنيين.

ملف الموقوفين أولوية:

تبلورت هذه التفاهمات بعد زيارة رسمية لوفد سوري برئاسة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير العدل مظهر الويس، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، ومدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية محمد طه الأحمد. وأكد وزير العدل السوري أن زيارة الوفد إلى لبنان تمثل بداية جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين، وأن ملف الموقوفين السوريين يعد أولوية قصوى، وأن هناك لقاءات مرتقبة لإنهاء هذه المأساة الإنسانية. وشهدت الزيارة لقاءات مع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، لبحث ملفات تتعلق بالمعتقلين السوريين والعلاقات الثنائية بين البلدين.

ويرى الشيباني أن هذه القضايا تهم الجانب اللبناني والجانب السوري على حد سواء، ومن أبرزها ما يتعلق بإعادة تسريع قضية الموقوفين السوريين في سجن رومية، معربًا عن اعتقاده بإحراز تقدم كبير في هذا الملف، وأن الفترة المقبلة ستشهد نتائج ملموسة. وتأتي قضايا المعتقلين السوريين في لبنان، والمفقودين اللبنانيين في سوريا، على رأس الملفات التي يناقشها الجانبان، وكانت أولى جولاتها زيارة وفد من الخارجية السورية إلى بيروت في 1 أيلول الماضي، ثم زيارة وفد حكومي لبناني إلى سوريا لمتابعة التفاصيل.

مشاركة المقال: