الأحد, 19 أكتوبر 2025 01:10 AM

سوريا ما بعد الحرب: تحديات إعادة الإعمار والفوضى العمرانية تهدد المستقبل

سوريا ما بعد الحرب: تحديات إعادة الإعمار والفوضى العمرانية تهدد المستقبل

تواجه عملية إعادة الإعمار في سوريا تحديات هيكلية كبيرة، تتصدرها المشكلات التنظيمية والعمرانية التي ازدادت حدة مع عودة آلاف النازحين والمغتربين إلى مدنهم وقراهم. إن عدم قدرة المنازل على استيعاب الزيادة السكانية، نتيجة لاستقرار العديد من العائدين (ومعظمهم من الشباب)، فاقم أزمة السكن، مما أدى إلى فوضى في الإعمار والبناء غير المنظم.

برزت ظاهرة البناء العشوائي غير المرخص، خاصة في المناطق الريفية والضواحي، كحل فردي لمواجهة الحاجة الملحة للسكن والارتباط بالأرض. لكن هذه الظاهرة تخلق مشكلات أعمق، منها:

  • الاستهلاك غير المنظم للأراضي الزراعية والتعدي على المخططات التنظيمية.
  • صعوبة توفير الخدمات الأساسية (كالماء والكهرباء والصرف الصحي) لهذه المناطق غير المخططة.
  • تشويه المشهد الطبيعي والبيئي للمناطق.

هذه الفوضى العمرانية تذكر بما حدث في قطاعات أخرى، مثل فوضى استيراد السيارات، حيث يغيب التنظيم لصالح حلول مؤقتة تخلف وراءها مشاكل بيئية واقتصادية واجتماعية على المدى البعيد. ويزيد من هذه الأزمة غياب رؤية حكومية واضحة وعدم وجود استراتيجيات جادة لمعالجة هذه القضايا، مما يدفع المجتمع إلى التعامل مع الظاهرة بالتأييد والاستسهال بسبب انعدام البدائل.

يثير هذا المشهد تساؤلات ملحة حول كيفية التعامل مع الأزمة: هل ستتبع الحكومات القادمة النهج التقليدي في المعالجة، القائم على التغاضي المؤقت تارةً، والانقضاض الانتقائي لعمليات الهدم تارةً أخرى؟ وهو نهج يفتح الباب أمام الفساد ويعمق من حالة الفوضى القائمة.

بدلاً من الاستمرار في هذا النهج التفاعلي غير الفعال، يجب التوجه نحو حلول استباقية ومنظمة، يمكن طرحها للنقاش على النحو التالي:

  • تنظيم مواد البناء: عبر تقييد بيع المواد الأساسية (كالإسمنت) من خلال البلديات والمقاولين المرخصين، مما يساعد في التحكم بالبناء غير المرخص.
  • تفويض شركات الإعمار: منح شركات متخصصة حق الإعمار ضمن قطاعات جغرافية محددة، لضمان الجودة والالتزام بالمخططات التنظيمية.
  • التحفيز على البناء الرأسي (العمودي): التشجيع على التوسع العمودي بدلاً من الأفقي، للحفاظ على المساحات الزراعية وزيادة كفاءة استخدام الأراضي وتوفير الخدمات.
  • توجيه الإنفاق: تحويل مسار الإنفاق الفردي العشوائي نحو قنوات استثمارية منظمة تضمن تحقيق تنمية عمرانية حقيقية ومستدامة.

إن الاستمرار في تجاهل هذه الفوضى أو معالجتها بمنطق "إسكات الأزمات" مؤقتاً، يعني إضاعة فرصة تاريخية لإعادة البناء بشكل صحيح يخدم الأجيال القادمة.

زمان الوصل

مشاركة المقال: