تحل اليوم الذكرى الثامنة لما يسمى بـ "تحرير الرقة"، وهي العملية العسكرية التي شنتها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في خريف عام 2017. انتهت العملية بتدمير شبه كامل للمدينة ومقتل آلاف المدنيين، وفقًا لتقارير حقوقية ودولية.
خلال الأشهر الأربعة من المعارك، نفذ التحالف أكثر من 30 ألف غارة جوية. ووفقًا لتقديرات منظمات حقوقية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، أسفرت الغارات عن مقتل ما لا يقل عن 5000 مدني وتدمير حوالي 11 ألف مبنى سكني. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت أحياء كاملة للقصف بالذخائر الحارقة، بما في ذلك الفسفور الأبيض المحرم دوليًا.
ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير بعنوان "رقة تُسوّى بالأرض" أن المدينة تحولت إلى "أطلال شبه خالية من الحياة"، مشيرة إلى أن حجم الدمار "فاق كل ما شهدته سوريا خلال الحرب". كما وثقت الأمم المتحدة نسب تدمير تجاوزت 80% من البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء.
على الرغم من مرور ثماني سنوات، لا تزال الرقة تعاني من آثار الدمار. يعمل سكانها على إعادة إعمار ما يمكن من بيوتهم بأدوات بسيطة، وسط غياب شبه تام للخدمات الأساسية.
يشير ناشطون محليون إلى أن عمليات حفر الأنفاق التي تقوم بها "قسد" اليوم داخل المدينة ومحيطها تهدد ما تبقى من استقرار عمراني وأمني، وتعيد إلى الأذهان مشاهد الخراب الأولى.
يعتبر أهالي الرقة أن مدينتهم "قُتلت بصمت ودُمّرت بصمت، وأُعيد بناؤها بصمت"، في ظل تجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهم المتواصلة وغياب أي مسار حقيقي للمساءلة أو إعادة الإعمار.
ثمانية أعوام تفصل بين دمار عام 2017 وما نشهده اليوم في 2025، إلا أن المشهد لم يخرج من دائرة المعاناة. غياب العدالة يظل عائقًا أمام كل محاولة للمصالحة، وإعادة الإعمار تسير بوتيرة بطيئة تعكس غياب رؤية واضحة وحماية حقيقية للسكان المتضررين.
ما تحقق حتى الآن هو مجرد ترميم شكلي للبنية التحتية، بينما الجروح الاجتماعية والنفسية لم تجد علاجًا، مما يجعل الماضي المأساوي يظل حاضرًا في تفاصيل الحاضر، ويؤكد أن إعادة البناء لا يكتمل إلا بالعدالة والمساءلة.
زمان الوصل